المتروك: التشكيليات في القطيف ينقصهن المعارض وتقبل الفن بجميع أشكاله

للكلمات شأنها في تحفيز الإنسان، تشد من عنفوان موهبته. “أنتِ فنانة”، كلمة لاتزال في ذاكرة الفنانة التشكيلية رقية المتروك، المنحدرة من محافظة القطيف، لتكون الماء في بداية الحرف الأول من أحرفها الفنية، لتشق طريقها في اكتشاف ذاتها الفنية، تينع ثمارها، لتأتي لوحة العصفور، الذي يحمل عقدين، واحد بصورة علم السعودية والآخر بريطانيا، أهدتها القنصل البريطاني، أثناء القيام بزيارة له بمنزله نظير دعوة لأمسية، لتعانق ريشتها بين أنغام الموسيقى وألوانها.

«القطيف اليوم» في رحلة فنية، تبحر في البيئة الفنية للفنانة “المتروك”، يقتطف من بستان ألوانها، لحظاتها الفنية، فكر ريشتها، نبضات قلب لوحاتها.

س: عرفينا على بطاقتك الشخصية والفنية؟
ج: الفنانة التشكيلية رقية جعفر المتروك، من مواليد محافظة الجبيل، حاصلة على شهادة (iccs) الدولية في استخدام الحاسب الآلي من معهد مدار الخليج، حاصلة على شهادة دبلوم محاسبة في المعهد التخصصي للعلوم التقنية، مارست الفن رغم دراستي وعملي، إلى أن وجدت الوقت المناسب لاتخاذ أول خطوة لعمل معرض شخصي وبإذن الله يكون معرضًا قويًا. من هواياتي الرسم والقراءة والسباحة.

س: حدثينا عن البداية في دخولك ساحة الفن التشكيلي، كفنانة، تعانقه ريشتك وألوانها؟
ج: بدايتي في الفن سنة ٢٠٠٩م انضممت إلى مجموعة إبداع للفنون، التي يترأسها الفنان التشكيلي عبد العظيم الضامن، ومن هنا تعرفت على مجموعة من الفنانين والفنانات، وأصبحت لديَّ عدة مشاركات لمعارض وورش عمل ومهرجانات، بعدها كونت شخصيتي الفنية، التي تحاكيني، فلابد للفنان أن يسلك طريقه بنفسه، لمعرفة أسلوبه وما يمتاز به.

س: ما عنوان أول لوحة احتوتها ريشتك، لتصيغها ذاتك؟
ج: أول لوحة كانت منظرًا طبيعيًا عبارة عن “صحراء”، جاءت كأول درس أطبقه مع الفنان عبد العظيم، لمعرفة تأسيس وتخطيط اللوحة.

س: تمارس الفنانة التشكيلية رقية المتروك الرسم، متى تنتابِك لحظته الإلهامية؟
ج: الإلهام لا وقت محدد له، أحيانًا أجده في الأفلام، وأخرى في وقت فوضوي، البعض يأتي من موقف أو حدث معين، وحتى أحلامي تلهمني. أحلامي لا تزال مرسومة على “سكتشات”، ولم تنفذ بعد على اللوحة.

س: لوحة لا تزال في الذاكرة، ما هي، وهل لديها قصة ما؟
ج: لوحة العصفور، الذي يحمل عقدين، واحد بصورة علم السعودية والآخر بريطانيا، مهداه للقنصل البريطاني أثناء عمل زيارة له في منزلة بإقامة دعوة وأمسية جميلة، وقتها كنت أرسم مباشرةً تلك اللوحة، وصوت الموسيقى في أذني، كانت ليلة رائعة حقًا. أتمنى الزيارة مرة أخرى ورؤية لوحتي معلقة في جدران منزله.

س: لحد الآن، كم عدد الأعمال الفنية لديكِ، منذ دخولك واحة الفن التشكيلي؟
ج: لا أعلم بالضبط، فأنا لا أرسم فقط على لوح، أيضًا، أمارس الرسم بالرصاص. الفرق أن رسمي على اللوح، يجسد فكرة معينة بأسلوب احترافي، وتقنيات متنوعة، بينما الرسم بالرصاص فقط بورتريه.

س: هل تنتمين لأي مجموعة تُعنى بالفن التشكيلي في القطيف، أو بعيدًا باتساع الوطن، أو خارج أسواره الجغرافية؟
ج: عضو في جماعة الفن التشكيلي بالقطيف، التي غادرتها منذ ثلاث سنوات تقريبًا.

س: ما السبب الكامن وراء مغادرتك جماعة الفن التشكيلي بالقطيف؟
ج: للفنان حرية في اتخاذ قراراته، لذلك يسعى إلى أن يكمل طريقة بنفسه، لمعرفة أسلوبه وميوله بشكل أدق وأوسعها شرفة.

س: لأي مدرسة فنية تنتمي لوحاتك؟
ج: الواقعية التأثيرية، أنا قريبة من هذه المدرسة، خصوصًا أن التأثيرات التي تكونها الفرشاة على اللوحة، تكون بشكل عفوي، وضرباتها قوية وملموسة في العادة.

س: كلمة أثرت فيكِ، وأصبحت حافزًا، تترجم فنيًا؟
ج: أنتِ فنانة، هناك فرق بين الفنان والرسام، حيث إن الفنان من يجسد الفكرة ويحولها إلى واقع، بينما الرسام، يقوم بنقل الصورة إلى رسمة.

س: موقف حزين، وآخر سعيد، جاء عطفًا على لوحاتك، ليمنحها بوصلته؟
ج: الموقف الحزين ومن أصعب المواقف التي مررت بها هي وفاة أمي “رحمها الله”، والحمد لله أنا دائمًا سعيدة عندما أمارس الفن، ولكن بعد الصدمة، أصبحت أعشق اللون الأسود أكثر في لوحاتي.

س: فكرة اللوحة، اقتناصها، لتترجم بالألوان، كيف تجدينها؟
ج: أجدها في لوحة المتسول عام ٢٠١٧م، الفكرة: رجل متسول يرتدي عباءة نصف مكشوفة خوفًا من معرفة هويته، يرتدي تاجًا من المال، مزين بالورق المذهب، وعقد من الذهب دلالة على الترف الذي يعيشه من أموال الآخرين. اقتناصها: من المواقف في المجتمع، ترجمتها بالألوان واقعية تأثيرية، هناك ألوان سردت على اللوحة بعفوية والبعض تعمدت إبرازها.

س: طموحك، أعانقتم شرفته، أم لا يزال يراهق المسافات؟
ج: طموحي لا حدود له، ولكن نستطيع أن نقول مع الجهد والمبادرة والإصرار، وبالصبر، يتحقق بإذن الله.

س: إلى أين واحات طموحك، يجدف قاربها؟
ج: لا تزال في بداية الشاطئ.

س: هل أقمتم معرضًا تشكيليًا شخصيًا، أفرزته أناملك، متى وأين، وكم لوحة احتضنته زواياه؟
ج: سأفتتحه قريبًا، وهو أول معرض شخصي يضم ١٥ لوحة في جمعية الثقافة والفنون بمدينة الدمام.

س: هل لديكِ موهبة أخرى تمارسينها بجانب الفن التشكيلي؟
ج: لديَّ عدة مواهب ربما لم أتفرغ لها بشكل كبير كالفن التشكيلي، وهي تصميم المجوهرات وتصميم الأزياء.

س: ما الإنجازات التي تحققت محليًا وخارجيًا؟
ج: الإنجازات التي تحققت، هي: مشاركتي في عدة معارض داخل السعودية فقط، فأنا أطمع طموحًا في إنجازات أكبر وأقوى.

س: برأيك، كيف تطور الفنانة أدواتها الفنية، والفكرية، ونظرتها لما حولها؟
ج: يجب على الفنان تجربة كل ما هو جديد، وخلق أفكار وأعمال مميزة. إن الفن ليس فرشاة ولونًا فقط، الإبداع يتطلب أفكارًا بأبسط الأدوات.

س: برأيك، ما نوعية العلاقة بين الفن التشكيلي، وبقية الفنون البصرية والأدبية الأخرى؟
ج: علاقة متبادلة، جميع الفنون مكملة لبعضها البعض من حيث المنطق والجمال والفكر.

س: في ما يخص التغذية الراجعة، كيف تستطيع الفنانة تنمية التغذية البصرية لديها، عطفًا على الأسس المنطقية؟
ج: من حيث التثقيف البصري والفكري والعملي، قراءة كتب، زيارة المعارض، الممارسة في التجارب الفنية.

س: ماذا ينقص التشكيلية في محافظة القطيف، لتبرز أكثر، وتحقق ذاتها؟
ج: معارض قوية وورش عمل، دراسة مكثفة تحتويها مراكز ومعاهد مهتمة بالفنون، الاهتمام وتقبل جميع أنواع الفنون بدون عنصرية، مكتبات عامة مختصة لأدوات وكتب الفن.

س: برأيك، هل اللوحة التي تلامس الإنسان بألوان كينونته، أحلامه وآهاته، حياة الشارع، هي الأقرب لذائقة المتلقي، أم الجمالية هي الأقرب؟
ج: الاثنان معًا، فلابد للفنان من خلق إحساسه، وإضفاء الجمالية على لوحاته، فذائقة المتلقي أو المتابع، ليس بسهل جذبها للوحة معينة، فإن لديه شغفًا وطمعًا في رؤية كل ما يحرك مشاعره بلوحة الفنان.

س: هل اللوحة تستطيع بألوانها اختراق جغرافية اللغة، لتُقرأ بكل اللغات؟
ج: نعم، حسب شطارة الفنان.

س: كلمة أخيرة لكِ، ما هي، ولمن توجهينها؟
ج: يجب إعطاء الحرية الكافية في الفكر والإبداع للفنان، أوجهها لكل فنان ومسؤول وأكاديمي ومرؤوس.

 


error: المحتوي محمي