كثير منا بحاجة إلى مأسسة تفكيره ليصبح عضوًا فاعلًا ومتميزًا يواكب التطور الكبير في شتى مجالات الحياة.
إن نقل استراتيجيات التفكير، وأصوله، وأبجدياته من العقل الفردي الأحادي إلى العقل الجمعي المؤسساتي يضمن النجاح إلى حد كبير، ويحافظ على التاريخ المجيد، ويخلق فصلًا مشرقًا من الإبداع.
في العمل الفردي يكون المحور شخصًا واحدًا فقط، وبالتالي يكون النجاح وعدمه، والتطور وعدمه، والإيجابيات والسلبيات مرتبطة به فحسب، وينتهي ذلك العمل بانتهاء ذلك العقل، على خلاف العقل الجمعي الذي يتّبع نظامًا عامًا شموليًا موسعًا مدروسًا، قام على التجارب المشتركة ووفق رؤية صحيحة وبعيدة المدى.
وعليه؛ نجد الكثير من العقول اليقظة والمبدعة في الحياة غيّرت بوصلة تفكيرها الفردي تمامًا وسعت لتأسيس نظام شامل وفق بنود وضوابط خاصة.
بدأ الأفراد بتحويل ملكيتها الفردية لمؤسسة، ثم لشركة عائلية، ثم لشركة عامة، وما هذا التحول الجميل إلا لمسة إبداع نوعية مجنحة ومتألقة.
مهما عظم فكر الإنسان، ومهما علا مجده يبقى محتاجًا للعقول الرائدة التي تكمل معه المسير، وبأعلى مستويات الجودة والإنتاج، وبأقل التكاليف، وأقصر الأوقات.
من هنا؛ فالقول المذكور أعلاه غير محصور في التجارة والاقتصاد فحسب، وإنما يمكن تطبيقه في الكثير الكثير من شؤون الحياة كالتعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، وسواها، ولكن، وفق أبجديات وقوانين خاصة مختلفة المرونة.
لو طبّقنا هذا النظام المؤسساتي في الأندية مثلًا، وأنشأنا عقولًا استثمارية نوعية ظفرنا بثمار جنية، وحققنا نقلة نوعية في المستويات والصعد المختلفة، وطوّرنا فنون الرياضة، وواكبنا تغيرات الحياة.
أما اعتماد العقلية الفردية القديمة، فما هو إلا تأصيل للأحادية المستبدة التي لا تؤمن بالعقل الجمعي متنوع المشارب.
وهذا القول ينطبق على الجمعيات الخيرية وغيرها كذلك، فضلًا عن الأوقاف بشتى أقسامها.
إن الثمار العظيمة المترتبة على إدارة الأوقاف الحسينية والخيرية كفيلة بعوائد مالية ومعنوية لا عدّ لها ولا حصر في المجتمعات، أما تركها مهملة، أو دون تخطيط منظم، أو بيعها والتصرف بأموالها، ما هو إلا لعبٌ بالنار يحرق صاحبه قبل الآخرين.
إن ثقافة الاستجداء التي تمارسها الأندية أحيانًا نتيجة ضيق ذات اليد، والاعتماد على العقلية الفردية القديمة والبسيطة أصبحت مقيتة، وستنتهي عاجلًا أم آجلًا، وبالتالي تضيع سنوات كبيرة من التاريخ المشرق الجميل.
توسّعوا في دائرة الاستثمار، وأصّلوا مشاريع مضمونة بعائد ربحي جيد، ومأسسوا العقول والأعمال تختصروا الكثير من العواقب في المستقبل، وإن لم تفعلوا؛ فستغرقون بالسفينة ومن فيها وما فيها وأنتم لا تشعرون.