وجّه الاختصاصي الاجتماعي ومدرب مهارات الحياة إبراهيم علي الشيخ إلى أهمية ترسيخ ثقافة الاستغناء لمن يعاني من الصدمات العاطفية، مؤكدًا على ضرورة عدم التعلق الشديد بالأشخاص أو الأشياء، لأن أي شيء يتم التقرب له أكثر من اللازم يسبب الغرق فيه، ولزوم وجود بعد بؤري.
ووصف بعض العبارات مثل؛ “لا أستطيع قلبي مكسور، لا أستطيع تركه، ليس لديه غيري، وغيرها” بأنها أسباب واهية، وأن هناك من يستمتع بكسر قلبه ويعد زبونًا وليس ضحية لدى الآخرين، وأن أصول السلامة تقتضي أن يهتم الشخص بنفسه أولًا.
وأضاف أن الشخص الذي لا يحب نفسه لا يستطيع تقديم الحب للآخرين، موضحًا أن الذين يحبون الآخرين أكثر من أنفسهم عليهم مراجعة ذواتهم لأنهم معرضون لتولد عقدة التضحية لديهم خاصة الأمهات، وهذا ما يدعهم يقومون بالشكوى على أقل أمر بأنه لا أحد يشكرهم عليه، أو يشعر بهم.
جاء ذلك في محاضرة فنون التعامل مع الأزمات العاطفية التى قدمها الشيخ مساء الثلاثاء 12 مارس 2019 والتي نظّمتها اللجنة النسائية التابعة لجمعية العوامية الخيرية بالتعاون مع مجموعة أصدقاء تعزيز الصحة النفسية، في قاعة الحوراء بحضور 55 رجلًا وسيدة.
وافتتح الشيخ المحاضرة بعرض فيلم قصير بعنوان Mr.Zero والتعليق عليه، والذي تعرض فيه Zero لحالات الكبت والعزل الاجتماعي والقهر النفسي بسبب رقمه، وكيف تغلب على كل ذلك ووجد من تحمل نفس رقمه، لينتجا بالنهاية الإنفنتي أو إشارة اللانهاية، وهو الرقم الأكثر تقديرًا في العالم والذي يرمز للخلود.
وذكر أن كثيرًا من الناس يتعرضون للقهر الاجتماعي لكن بيدهم أن يختاروا بين الاستسلام أو الصمود للاعتراف بهم.
وعرّف مصطلح الصدمة العاطفية في علم النفس على أنها حدوث ضرر أو أذى إلى العقل بسبب حالة من الكرب والتوتر الشديدين القويين الناتجين عن صدمة نفسية بالجرح النفسي الخفي والذي يكون في الغالب من مصدر خارجي.
واستعرض تقنيات التعامل مع الصدمات العاطفية وهي: التمكن من الإدارة المحكمة للأرنب (أفكار العقل) والسلحفاة (المشاعر)، ونعم للإقرار ولا لإنكار المشاعر الداخلية، موضحًا أن أول خطوة للعلاج هي الإقرار بوجود أزمة عاطفية، والصراحة واللجوء للفضفضة إما لشخص آخر أو بالكتابة كي لا يصيبه احتباس عاطفي، ذاكرًا أن اللغة لها وظيفة غير التخاطب وهي التفريغ النفسي مستدلًا على ذلك بعدد من الآيات القرآنية.
وتابع عرض وشرح التقنيات وأشار إلى مناقشة الموقف بعقلانية ووجه بعدم النقاش بجلسة المحقق التي تكون وجهًا لوجه وفضّل أن يكون بزاوية 45 لأنها تخلق الود بالنقاش، والمبادرة لإعادة ترتيب الأولويات لمستقبل أفضل، مع عدم التردد في اللجوء إلى الاختصاصيين.
يُذكر أن الشيخ وضع نفسه مثالًا حيًا على الإصرار وعدم الاستسلام وتمكّنه من إدارة عقله ومشاعره، حيث كشف من خلال المحاضرة عن إصابته بالسرطان، والذي لم يجعله عائقًا للاعتذار عن إقامة المحاضرة المخطط لها منذ أشهر، والتي نالت استحسان الجميع بأدائه المتميز، الذي كان مدعمًا بالأشعار والآيات القرآنية.