فيتامين السعادة

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “إنّ أحبّ الأعمال إلى الله (عز وجل) إدخال السرور على المؤمن” (1).

في إحدى محاضراتي تحدثت عن فيتامين (c) وذكرت لهم أهميته وفوائده لتعزيز الصحة وتقوية المناعة وأنه يوجد في العديد من الفواكه والخضراوات بما في ذلك البرتقال، والجوافة، والفراولة، وفاكهة الكيوي، والفليفلة الحلوة، والقرنبيط، واللفت والسبانخ.

ثم ذكرت إلا أنني أود أن أخبركم أن الكثير من المرضى يحتاجون فيتامين (سي) من نوع آخر وأعني به (سعادة)…
فكم هم المرضى الذين يراجعون العيادة وهم يعيشون حالة من الاكتئاب والضجر، فلقد أرهقهم المرض، لقد سرق منهم الراحة والسعادة، لقد تعبوا من تناول المسكنات…

الكثير من المرضى يبحثون عمن يدخل السرور على قلوبهم، وكم تكون سعادتهم عندما يجدون ضالتهم في طبيب يبعث في نفوسهم الأمل والسعادة…
إن إسعاد الآخرين فن لا يتقنه الكثيرون… وأساليبه كثيرة نذكر منها:

ابتسم تسعد من حولك
يمكنك أن تنقل السعادة إلى من تقابله من خلال بسمة صادقة، ويمكن القول إن الابتسامة (عدوى) تنتقل بسرعة من وجه إلى آخر، وهي من أنواع الصدقات، فقد جاء في الرواية عن النبيّ (صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم) أنّه قال: “تبسّمك في وجه أخيك صدقة” (2).
لا نطالبك بالتصدق بمالك بل ندعوك لتتفضّلْ على من حولك بشيءٍ من شدّ عضلات وجهك، فإنّ الأمر لا يكلّفك شيئًا، ولن يُسقط من قيمتك وهيبتك ومكانتك، بل سيجلب لك المحبّة والرسائل الإيجابيّة من الآخرين.
فكن صاحب الابتسامة الساحرة التي تبعث النشاط والحياة لمن حولك؛ يقول الإمام علي (عليه السلام): “السرور يبسط النفس ويثير النشاط، والغم يقبض النفس ويطوي الانبساط” (3).

يقول أحد الأطباء إن “الضحك خير دواء”، وإن الابتسامة قد تكون أكثر فاعلية من بعض العلاجات والأدوية المؤلمة والمرة.

فقط اجعل ابتسامتك شفاء للمرضى
الكلمة الطيبة مفتاح السعادة
الكلمة الطيبة سلوة حزن، وبلسم جراح، ومفتاح سعادة، وكسب مودة، يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 24]
فبكلمة واحدة قد تسعد إنسانًا طول اليوم.. وهذا يعني أن المؤمن ينبغي أن يكون دقيقاً في كلامه ويختار الكلمة الطيبة دائماً لأن الكلمة لها تأثير كبير على الإنسان، وكما يقول الإمام علي (عليه السلام): “رب كلام أنفذ من سهام” (4).

كما أن استخدام الأسلوب الحسن له دوره في إدخال السرور على الآخرين، كما ورد عن الإمام علي (عليه السلام): “لا يستعان على السرور إلا باللين” (5).

أسعدنا بحضورك
هناك سعادة تحل بوجود أشخاص معينين حولنا، فهم يملأون الأجواء سعادة، وكما ورد في الحديث الشريف: «المؤمن هش بش» فهو ضاحك الوجه باسم الثغر بل أصبح طبعه البشاشة في أغلب الأحيان وفي مختلف الظروف، فأصبح ما يراه ويشعره الناس منه هي السعادة والابتسامة.. فهم يضفون جوًا من الراحة والصفاء أينما حلّوا.

اجعل الآخرين يفرحون ويسعدون بك، بل كن أنت سعادتهم وفرحهم الذي ينتظرونه ويستبشرون به.

هدية كبسولات السعادة:
روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): “نعم العطية ونعم الهدية كلمة حكمة تسمعها” (6).
قرأت عن فكرة تتحدث عن كبسولات السعادة طريقتها أن تكتب في ورقه صغيرة (عبارات ونصائح للحياة السعيدة وهي تعبير صادق عن مشاعرك وحبك للطرف الآخر) وتضعها داخل الكبسولة وتهديها لمن تحب… سيكون شعوراً جميلاً عندما يقرأ (المريض) هذه العبارات الصادقة… هل نجربها؟!

همسة صادقة
صدقوني إن المرضى ينتظرون منا هذا الفيتامين… فلا نبخل عليهم…

الهوامش:
(1): جامع السعادات: 2/226.
(2): ميزان الحكمة 2: 1597
(3): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج2 – الصفحة 1290
(4): غرر الحكم ودرر الكلم
(5): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج2 – الصفحة 1290
(6): ميزان الحكمة – محمد الريشهري – ج4 – الصفحة 3453


error: المحتوي محمي