رحمك الله أبا زكي

كنت بصدد إرسال هذا المقال للنشر وهو حول ظاهرة غياب الكفاءات عن حضور المجالس الحسينية وصلاة الجماعة في القطيف وربما حتى عن الصلاة في المسجد. لكن خبر وفاة السيد حسن العوامي جعلني أعيد قراءة المقال واكتشف أنني لم أذكر أمثلة إيجابية تتعارض مع هذه الظاهرة، فالصورة ليست قاتمة تمامًا.

كانت هذه الملاحظة -في الأصل- هي لأحد المشائخ الفضلاء، الذي لاحظ هذه الظاهرة في القطيف دون غيرها من مدن المملكة، وهي ملاحظة دقيقة وظاهرة مشاهدة، فنحن نشاهد في المدن الأخرى من المملكة تواجد هذه الفئة التي نسميها الكفاءات ورجال الأعمال، بل حتى كبار المسؤولين في الدولة (سابقين وحاليين) نرى بعضهم في صلاة الجماعة في المساجد وبعضهم له مسجد محدد يصلي فيه.

بيد أن هذه الظاهرة المؤسفة لا تقتصر على الكفاءات فقط، بل إن ذلك يشمل حتى طلبة العلوم الدينية مع كامل الاحترام لهم. وهذا الأمر يحتاج إلى شيء من الصراحة تمهيدًا للمعالجة، وأزعم أن إصلاح هذا الخلل بهذا الشمول أولى بجذب فئة الشباب تلقائيًا وقبل غيرهم، حيث إنه لا يصح توجيه هذه الملاحظة إلى فئة الشباب فقط دون غيرهم، بل لا يعبر عن إحاطة كاملة عن هذه الظاهرة المؤسفة.

ذكرت كل ما لدى في هذا المقال -قبل تعديله- بهذا الخصوص لكن غاب عني أن أذكر أمثلة معاكسة، أن أذكر شخصيات تثبت عكس هذه القاعدة، وهي موجودة وننعم بوجودها والحمد لله وإن كادت أن تكون قليلة.

لقد تمنيت كتابة هذا المقال والاستشهاد بشخصية السيد حسن العوامي؛ الشخصية الجديرة بالاقتداء، الشخصية الوطنية الفذّة وهي موجودة بيننا، ليرى ماذا يقول عنه من هم في عمر أحفاده، سيما أن السيد حسن العوامي – رحمه الله – يحظى بابن بار له ينقل له ويسليه بكل ما يثير اهتمامه من أخبار وكتابات، ويسعى في جلب الأخبار التي يتأمل فيها المسرة لوالده.

لقد تشرفت قبل أشهر قليلة بالعمل ضمن فريق منتدى الثلاثاء الثقافي للإعداد لحفل تكريمه، وأنا لا أعرف عنه – رحمه الله – إلا تواجده مع الناس، وفي تواجده الدائم إحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام) وهو يمثل أحد وجهاء القطيف، ولكن خلال فترة الإعداد للحفل ظهرت لي عدة جوانب شخصية واجتماعية لهذه الشخصية الوطنية المتميزة أجهلها عنه – رحمه الله -؛ تبدأ من صداقاته الشخصية التي تخترق الأجيال إذ لم تقتصر على أترابه بل تمتد إلى من هم في عمر أبنائه، شخصية لا تعترف بحاجز الأطياف والتوجهات المختلفة في المجتمع، مرورًا باشتغاله على التطوير الذاتي وتطوير قدراته ومهاراته المختلفة التي جعلته متميزًا في طرحه لأفكار ومواضيع سابقة لزمانه واهتمامات مجتمعه ويظهر هذا جليًا في مؤلفات الثمانية، وكذلك تصديه لهموم مجتمعه وحل مشكلاته في فترة حرجة مع قلة من شخصيات هذه البلاد وقلة فيمن يتقن الأداء ولا تنقصه الحكمة في هذا المجال.

سوف نظل نشير ونشيد بكل الشخصيات الوطنية التي سعت بكل جوارحها لخدمة أهلها ووطنها كي تستمر مسيرة العطاء.


error: المحتوي محمي