حين تصنع بيديك نوعًا من الطعام فلن يُعجب الناس ويشترونه إلا بعد تذوقه والحُكم عليه، وهذا السر الذي استخدمته روضة العبد رب النبي للترويج لمنتجاتها المنزلية التي حملت ركن “أثمرت” وشهد ازدحام الزوار عليه لتذوق أصنافه التي زادت على 20 صنفًا ما بين مخللات ومعبوج ومربى وقهوة وبهارات وغيرها، بالملتقى الأول للأسر المنتجة “البراحة” والتي نظمته لجنة التنمية الاجتماعية بالقطيف.
وفي حديثها لـ«القطيف اليوم» ذكرت روضة أن “أثمرت” هو مشروع منزلي يختص بتصنيع المخللات والمربَّيات الطبيعية الطازجة من داخل معملها المنزلي وبمجهودها الشخصي، والذي بدأت مشروعها فيه على أرض الواقع منذ ما يقارب خمس سنوات.
الانطلاقة
وتحدثت عن بداية انطلاقتها وقالت: “كانت انطلاقتي الأولى في معرض من معارض جمعية العطاء وتفاجأت من الإقبال الكبير على شراء مخللاتي والثناء غير المتوقع على فكرة المشروع حيث كانت الفكرة غريبة وجديدة في منطقتنا”.
وتابعت: “ومن بعد انطلاقتي الأولى بدأت الرحلة الممتعة والشاقة في نفس الوقت مع المعارض المحلية التي تقام للأسر المنتجة، وكان الهدف الأساسي من المشاركة هو تعريف الناس على “أثمرت” للمخللات وكنت أجد المتعة في تعريف الناس بالمشروع لأستفيد من مقترحاتهم في تطوير المنتج وطرح منتجات جديدة يطلبها الزبون مثل المخلل العراقي والعشار اليمني وغيرها الكثير والذي أضاف على منتجاتنا التنوع والتميز، كل ذلك لإرضاء ذائقة أكبر عدد من الذويقة التي تثق في منتجاتنا”.
أجمل الملتقيات
وعبرت روضة عن مشاركتها في البراحة قائلة: “هي من أجمل الملتقيات على أرض القطيف الحبيبة، وخاصة في ساحة القلعة أرض التراث ومركز المنطقة، وكان الإقبال على البراحة شيئًا ملفتًا جدًا، وكنت متوقعة هذا الحضور لتعطش المجتمع لهذه اللقاءات على الساحة القطيفية، حيث انعكس ذلك التفاعل على إقبالهم على ركني الذي كان -ولله الحمد- من أكثر البوثات ازدحامًا لوجود منتجات خاصة للاستمتاع بالتذوق والتجربة وزاد ذلك الرغبة والفضول لاكتشاف كل أنواع المنتجات، والتي تحوي أكثر من عشرين نوعًا ما بين مربَّيات ومعابيج ومخللات وأنواع متعددة من المشروبات مما جعلهم يتشجعون ويتحمسون على الشراء من دون تردد”.
وتابعت: “إن الاشتراك في ملتقى البراحة كان فرصة كبيرة وثمينة في نفس الوقت ليتعرف الناس من خلاله على منتجات أثمرت ويقوموا بتجربتها وتذوقها”.
العشق وعدم الرضا سبب التوجه
وأشارت روضة لسبب توجهها لخوض هذا المشروع بقولها: “في البداية هو عشقي للمخللات والمعابيج أو الدقوس فأنا عاشقة بالدرجة الأولى إلى الفلفل في الأكل، والشيء الآخر الذي دفعني لاختيار مشروع المخللات بالذات أنني لم أجد الذي يُرضيني على أرفف البقالات لأن المواد المضافة من ألوان ومنكهات أو مواد حافظة، تقلل جدًا من جودتها وتغير من طعمها؛ لذا قررت أن أتوجه إلى هذا المشروع وخاصة أن فكرة هذا النوع من المشاريع تكاد تكون معدومة في المنطقة”.
تشجيع ابنة السابعة عشر
لا يخفى على أحد سحر التشجيع في التقدم في الخطوات الأولى وهذا ما حكته “روضة” بقولها: “كانت تجاربي متواضعة في تصنيع المخللات وأنا ابنة السابعة عشرة من العمر، حيث كنت أصنع المخللات والمكدوس بكميات بسيطة تكفي لأيام معدودة للاستخدام العائلي، ومع هذا كان هناك إلحاح من بعض الصديقات لعمل المخللات وشرائها ومنها بدأت الفكرة”.
العناد محفز!
وروت روضة أحد المواقف التي كان لها أثر محفز للتقدم حيث قالت: “في بادئ الأمر عندما بدأت في المشروع انزعج زوجي من الفكرة كثيرًا وخاصة أنني كنت على رأس العمل، ولم ألق تشجيعًا منه لأنه لا يؤمن بفكرة المشاريع التي تعتمد على الطلب من خلال المواقع الافتراضية سواء حساب الإنستجرام أو غيرها، بالإضافة لذلك شاهد بعينه التعب والإرهاق المصاحب لمراحل الإنتاج من بداية الذهاب إلى سوق الخضار وشراء الفاكهة والخضراوات إلى تغسيلها وتقطيعها ومن ثم تصنيعها وتعقيم العلب ومرحلة التعليب، بكل ذلك وغيرها كان يعتقد أن الفكرة متعبة وفاشلة وخاصة أنني أعمل بمفردي دون مساعدة من أحد”.
وأكملت: “وبما أن شخصيتي عنيدة أحببت أن أثبت لزوجي أن هذا المشروع الصغير سيكون ناجحًا في يوم من الأيام ويكون كبيرًا، والحمد لله كبر المشروع وظهر للنور وزادت ثقته في المشروع وأصبح هو الداعم الأول لمشروعي”.
من بين 400 مشروع “أثمرت” من العشرة المختارة للتمويل
وذكرت روضة أنها تلقت التشجيع من جميع من حولها سواء من الأهل والأصدقاء ومن المجتمع ومن الجمعيات والمؤسسات الحكومية، وأشارت قائلة: “أتذكر قبل سنتين من الآن حين تقدمت إلى معهد ريادة للأعمال الوطني بفكرة مشروعي من ضمن 400 متقدمة وقد تم ترشيحي مع 9 من المشاريع الريادية، فقد تحمسوا للمشروع وشجعوني ودعموني بقرض ميسر من بنك التنمية الاجتماعية ليتطور المشروع من مجرد مشروع بيتي إلى مشروع مؤسساتي قائم على أرض الواقع”.
خمسة آلاف في ثلاثة أيام جعلتها تترك العمل!
ذكرت روضة أن هناك عدة أسباب لنجاح مشروعها فأول شيء هو حُب الناس للمشروع ووثوقهم فيه حيث كان الطلب عليه كبيرًا، وثاني شيء أن المشروع ناجح ومربح بالدرجة الأولى، وفسرت ذلك بقولها: “كنت أعمل بشركة براتب 4 آلاف ريال في الشهر، ولكن حين عملت في مشروعي كان أول معرض اشتركت فيه خرجت منه بـ5 آلاف في 3 أيام، وهذا ما دعاني لعدم التردد بترك العمل بعد شهر من انطلاقي بالمشروع”.
عيب واحد
ونوهت إلى أنه حتى بوجود عوامل نجاح بالمشروع إلا أن هناك عيبًا واحدًا وهو أن التصنيع فيه متعب جدًا لأنها تعتمد على الأمور البدائية بالتصنيع، وترجو أن يختلف الموضوع حين يكبر المشروع فهو يحتاج لوقت وصبر وعمال، فهي لا تزال تعمل بمفردها وحتى من دون خادمة، فتقطّع الخضار باستخدام السكين وتستخدم البلندر المنزلي في الطحن، والقهوة تجهزها منزليًا من غسل وتنشيف وتحميص وطحن وتعليب، والطماطم المجففة تجففها منزليًا، وتجهز الكرك والسحلب كذلك ليكون الطعم ألذ وأطيب من السوق، وكل هذا يعتبر مُجهدًا وبدائيًا.
قريبًا
وتستعد روضة حاليًا لفتح محلها أثمرت المستوحى اسمه من ثمار الطبيعة بأحد المجمعات المعروفة بالقطيف، والتي أكدت على عدم تغيير الأصناف التي تعملها فيه، ولكن سيكون التجديد بالأفكار الخاصة بالتعليب لأن الزبون يهتم ويحترم المبيعات المرتبة والأنيقة.
وصرحت بأنها ستدمج المخبوزات بالبيع، حيث إنها قد التحقت بدورة في تصنيع المخبوزات الفرنسية على يد شيف فرنسي.
الطموح إلى أين؟
ونوهت بنت القطيف روضة إلى طموحها بقولها: “أطمح إلى إنتاج مصنعي وبكميات كبيرة ينتج أنواعًا طازجة وطبيعية من المربَّيات والمعابيج الخليجية والصلصات العالمية بنكهات تفوق كثيرًا المنتجات المستوردة”.
بطاقة شكر
ووجهت روضة الأم لبنت وثلاثة أولاد والحاصلة على تخصص إدارة أعمال من جامعة الملك فيصل، والملتحقة بعدة دورات في صناعة المخللات كلمتها الأخيرة والتي كانت بصيغة الشكر إلى معهد ريادة للأعمال الوطني وبنك التنمية الاجتماعية لأنهما الداعمان لمشروعها، وذكرت أن هاتين الجهتين فتحتا فرصًا كبيرة لأصحاب المشاريع الصغيرة – وبحمد الله – الآن أصبحت مشاريع كبيرة، حيث تعمل لهم دراسة ومتابعة من الصفر حتى يقف المشروع على قدمه وينجح.
ودعت أصحاب المشاريع للتوجه لهما فهما فرصة ثمينة – بحسب قولها – لأن دعمهما يكون بتمويل حكومي ودون فوائد ولا يحتاج أن تكون المتقدمة عاملة حتى تأخذ قرضًا لتعمل به مشروعها.