من يمتلك المعرفة، يمتلك القوة، مقولة لا يختلف على صوابها اثنان، وفي الواقع يكاد الحديث لا يغيب يوماً بضرورة تحول المجتمعات لتكون تحت واجهة مفهوم “مجتمع المعرفة”.
وتتأكد هذه القيمة بزيادة نسبة مجتمع الشباب داخل مكونات المجتمع المعاصر في كثير من البلدان، وفيما كانت البلدان تركز على التنمية الاقتصادية، إلى أن حدث انتقال نحو ضرورة مواكبة التنمية الثقافية والمعرفية للعملاق الاقتصادي، بشكل متوازن ومتناسب مع احتياجات المجتمع الحديث، فإنّ البحث عن سبل التقدم تتنامى من أجل تحقيق متطلبات الوصول إلى المجتمع المعرفي على مستوى معظم بلدان العالم.
من هنا، تأتي قيمة الحديث عن المركز الثقافي في وسط مدينة العوامية في المنطقة الشرقية من السعودية، والذي تحقق ضمن مشروع وسط العوامية، من خلال متابعة مستمرة من لدن أمير المنطقة الأمير سعود بن نايف و نائبه الأمير أحمد بن فهد، وكانت توجيهاتهم لفريق العمل في أمانة المنطقة الشرقية مما ساعد في إنهاء المشروع في فترة قياسية، إلى أن ارتفعت معالم المشروع زاخرة بالملامح الجمالية في التصميم الذي تعانق بُعدا التراث مع المعاصرة، سعياً لتحقيق الغايات التي يمكن أن توفرها بنى مكونات هذا الصرح المتألق.
ولعل كثيراً من العروض المرئية قدمت صورة عن المركز الثقافي في وسط العوامية، وهذا يحلّق بالجميع لوضع بعض التصورات للبرامج والخدمات الثقافية التي يمكن أن تعطي للمشروع عمقاً اجتماعياً ووطنياً رائداً.
من أهم المكونات وجود مكتبة عامة، حيث ينتظر أن تكون متميزة في الشكل والمضمون، و ذات فرادة في المحتوى والمقتنيات، وتكون مهوى للباحثين والقراء، بكل أنواعهم، كما إن وجود مهرجانات ومسابقات للقراءة وتفعيل لاجتماعية القراءة تُعَد عوامل جذب مؤثر، كما هو الحال بإقامة معرض موسمي للكِتاب وطباعة ملف ثقافي بشكل دوري.
من جهة أخرى، إن فتح المجال للأنشطة الإبداعية في الشعر والسرد والأدب وأندية الخطابة “التوستماستر”، سيكون قوة معرفية بارعة، كما هو الأمر بالنسبة للمراسم التشكيلية والمعارض الفنية والتصوير “الفوتوغرافي”، و ستساهم دورات تدريب الشباب في المسرح والدراما، بتوسيع دائرة المشاركة الشبابية.
وضمن الاهتمام بنشر ثقافة التعاطي مع التكنولوجيا، سيكون في فتح نوادي الروبوت وتصميم الدرون ملمحاً لافتاً سيعطي الفرصة للمشاركة في المسابقات التي تقام في المملكة أو المسابقات الدولية، بالإضافة إلى تنفيذ مسابقات ودورات في البرمجة الإلكترونية وتطبيقات الهواتف.
ومن المعلوم، إن إشراك المؤسسات الاجتماعية مثل النادي والجمعية الخيرية أو لجنة التنمية الاجتماعية والمدارس، سيعطي المشروع حياةً اجتماعية وثقافية قادرة من دمج الجوانب العملية مع الأطر النظرية التي تستوعب أوقات الشباب واليافعين، وبالمعرفة تتحقق معاني الحياة ويكون للتغيير قيمة.
ليالي الفرج
كاتبة رأي – صحيفة الرأي السعودي