منذ أكثر من 200 عام، كانت التجارة في شرق السعودية على صلة وثيقة بالهند، ومحورًا لنشاط تجاري مزدهر.
فقد كانت محافظة القطيف منصة لتصدير “السلوق”، وهو الرطب المغلي والمجفف، إلى الهند، وقد استمرت تلك الحركة التجارية حتى منتصف الستينات من القرن الماضي، حين بدأ يقل الطلب على الرطب بسبب الأزمات الاقتصادية في الهند آنذاك.
وكان سلق الرطب المعروف بـ”الخنيزي” بكميات كبيرة، وهو رطب مشهور بشدّة حلاوته، يعتبر غلة اقتصادية مهمة يعتمد عليها اقتصاد المزارعين شرق السعودية في الماضي.
يشار إلى أن الرطب كان يسلق في قدور كبيرة ثم يترك في الشمس ليجف، ويعبأ بعدها في أكياس “الخيش” ويحمّل على ظهور الحمير التي تنقله إلى جمارك القطيف ليصدر بعدها إلى الهند.
وفي هذا السياق، قال الباحث عبد الرسول الغريافي: “في بداية عهد رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي (1966) منعت استيراد جميع البضائع الكمالية بما فيها السلوق، باعتباره نوعًا من البذخ، في وقت انخفاض مستوى الهند الاقتصادي، واكتفوا بما تنتجه الهند نفسها، فاقتصر بعد ذلك سلقه للاستهلاك المحلي واستهلاكه أثناء السفر وتصدير بعضه لدول الخليج، ولم يعد السلوق بعدها سلعة اقتصادية”.
السلوق واللؤلؤ
وتذكر وثائق تاريخية أن العلاقات التجارية الهندية بالمنطقة ليست وليدة هذه المرحلة (النصف الثاني من القرن التاسع عشر) بل تمتدّ إلى قرون قديمة، حيث كان الهنود يستوردون أيضًا “الدبس”، وهو عسل التمر، وكان يعتمد هو الآخر على تمر “الخنيزي”.
وكانت القطيف تصدّر الدبس إلى الهند ومناطق خليجية (كالكويت وقطر)، وإلى وسط الجزيرة العربية وغربها.
كما كانت تصدر اللؤلؤ، فسكان ساحل القطيف مارسوا لسنوات تلك المهنة، وكانت تدرّ عليهم أرباحًا سنوية طائلة.
وكان معظم اللؤلؤ يباع في القطيف نفسها أو في البحرين، وقليل منه يباع مباشرة في الهند، وهذا ما عزّز حركة السفن بين موانئ الشرقية وبعض الموانئ الهندية.
إلى ذلك، تنقل الوثائق أنه في 1901 تحديدًا، كانت هناك حركة تصدير كبيرة للسلوق من القطيف إلى كراتشي أيضًا، بلغت قيمتها مليونين ومئتين وستين ألف روبية في ذلك الوقت، وكانت الكميات تصل إلى حوالي 150 ألف كيس سنويًا.