النرجسية بين المثقفين

إن للمثقفين دورًا في تثقيف وتوعية المجتمع وتسليط الأضواء على قضايا وهموم المجتمع ومع وجود التعاون بين المثقفين تثمر جهودهم التوعوية والثقافية ويتولد منهم الإبداع والرقي والتألق الثقافي.

وأما مع حالة التنافس السلبي والنظرة التشاؤمية بين المثقفين تجاه بعضهم البعض الآخر فقد يؤدي ذلك إلى الإحباط ونمو الحالة السلبية في الوسط الثقافي.

هذا المرض الفتاك “مرض النرجسية” الذي يدمر ويقتل ذات الإنسان، ويؤدي به إلى الوقوع في فخ الأنا المزيفة، والتي تبعده عن التمسك بالكينونة وهي الحياة والذات الحقيقية التي تجعله يكتشف قدراته ويعرف خصائصه ومميزاته الشخصية من دون أن يرى أنه أعلى من الآخرين أو أفضل منهم.

يعيش هذا المرض في نفوس بعض المثقفين العرب في مجتمعاتنا المعاصرة؛ حيث يرى بعض المثقفين أنه هو الأفضل والأكثر إبداعًا وموهبة فينتج منه حالة الغرور والعجب بالنفس، والتي تجعله يرى نفسه أنه الأكثر ذكاء وحكمة وفهمًا أو أنه يعتقد أن الناس تحسده على مستواه.

وبعض المثقفين عندما يرى أحدهم من نفس شريحته يبدع ويتطور؛ يغبطه ويتمنى أن يكون مثله أو أحسن، وهذا هو المطلوب.

وأيضًا لدى بعض المثقفين حالة نفسية تجعلهم يفكرون بالوصول إلى أهداف نجاح خيالية أو غير معقولة؛ فبهذا الأمر يجعلهم يصابون بالاضطرابات الشخصية، والتي تؤدي بهم إلى الانطواء على ذواتهم والكره الشديد لها.

ومن أبرز سمات الشخصية النرجسية ما يلي:

• الحب القوي للغطرسة والتعجرف.

• عدم التقيد بالمنافسة الشريفة بين الذات والناجحين.

• توقع الفرد أنه إنسان عظيم (مرض جنون العظمة)؛ فيدعي الشخص أنه يمتلك قدرات لا يمتلكها أحد غيره.

• يحب الإطراء والمدح بقوة.

• يكون عدوانيًا مع من ينتقدونه أو يسخرون منه.

فلذلك يجب على الإنسان المثقف ألا يبالغ بقوة في كسب إعجاب الناس أو محاولة إرضائهم على أنه قدم إنجازاً أو نجح بالوصول لهدف معين؛ بل يجب أن يكون لديه تركيز وتقدير موضوعي أكثر لذاته الإنسانية؛ بأنه يتطور من أجل أن يعتز بذاته بينه وبين نفسه، وليس من أجل أن يجعل الآخرين يطبلون ويصفقون له لأنه ظهر في الإعلام أو المجتمع.

وفي النهاية تمنياتي لجميع المثقفين والمثقفات بالتوفيق والسداد والتقدم في حياتهم المستقبلية والإبداعية والثقافية، ومزيداً من الإبداع والعطاء للأجيال الجديدة المبدعة والموهوبة والمثقفة.


error: المحتوي محمي