تم قبل أيام تكريم الرادود الحاج باسم الكربلائي بطريقة رٱى البعض أن فيها مبالغات واستعارات من أعراف اشتهر بها السلاطين والطغاة في الماضي. وقد انبرى الكثير لانتقاد هذا الفعل وتبيان الخطأ فيه، لكن البعض انصرف إلى شخصنة الأمر واستغل هذا الحدث لرفع عدد النقاط التي يسجلها في دفتر حساباته الوهمي ضد الرادود ومحبيه وكأننا في حرب باردة بين فريقين.
أنا لا أريد هنا الحديث عن الفعل نفسه، لكنني أود التطرق إلى إمكانية الوقوع في الخطأ!
الخطأ أمر طبيعي نراه في كل تفاصيل الحياة، فكل إنسان معرض للخطأ في كل لحظة من لحظات حياته، وكذلك كل منظمة أو شركة معرضة للخطأ مادامت تعمل، فمن يعمل يخطئ. فالخطأ في حد ذاته ليس مشكلة، إنما هو مرحلة، قد تعترض أي عمل أثناء القيام به. المشكلة تكمن في ثلاثة أمور:
الأول، هو الثقافة السائدة لدينا والتي تميل إلى اعتبار الخطأ جريمة لا تغتفر، مهما صغر هذا الخطأ.
والثاني، هو عدم التعلم من الخطأ بالنسبة لمن وقع فيه، وحتى بالنسبة لغيره ممن راقبه عن بعد.
والثالث، هو عدم استماع من وقع في الخطأ إلى ملاحظات مراقبيه وتنبيههم له بأنه وقع في خطأ معين.
فباسم مثلًا، إنسان اجتهد في مجاله لعشرات السنين، وأنتج عشرات الآلاف من الأعمال الفنية حتى وصل للسمعة التي وصل لها اليوم، وأصبح جمهوره عابرًا للقارات. دون التفتيش في ماضي الرجل العملي، يمكننا الجزم بأنه قام بعدة أخطاء، فلا أحد يدعي أنه معصوم. لكنه لو توقف عند أحد هذه الأخطاء، لحكم على مسيرته العملية بالموت، ولو لم يتعلم من أخطائه، لما نما ووصل لما وصل إليه اليوم. ورغم أنني لا أعرف الرجل، ولم ألتقه في حياتي، إلا أنني أظنه يستمع لانتقادات مراقبيه، بل ربما يبحث عنها لينقحها ويستفيد من كل ما يمكنه الاستفادة منه في تطوير عمله والرقي به.
لعلك عزيزي القارئ تسأل نفسك الآن، (و ما علاقة باسم بالبلدية؟). حسنًا، لا علاقة لباسم بالبلدية في هذا المقال – ولعل له علاقة بها خارج هذا المقال -، لكن البلدية كباسم وكباقي الأشخاص والمنظمات التي تعمل، معرضة للخطأ بشكل دائم. فكلما زاد عملها، زادت احتمالية وقوعها في الخطأ. وعليها كباسم أن تتعلم من أخطائها، وأن تنصت لكل من يقدم لها أي انتقاد أو يشير إلى أي خطأ وقعت فيه.
كذلك، نحن كمجتمع مستفيد ومرتبط بالبلدية، علينا ألا نعتبر أخطاء البلدية جرائم لا تغتفر، فكما أسلفنا، الخطأ أمر طبيعي. وألا نحاول تسجيل كل خطأ تقع فيه البلدية في دفتر وهمي ضد البلدية، فنحن والبلدية في فريق واحد، ولسنا في فريقين متصارعين. هذا بكل تأكيد لا يعني أن نتغاضى عن هذه الأخطاء، بل على العكس تمامًا! فأعمال البلدية الكثيرة والمستمرة تحتاج أعينا رقابية عليها بشكل دائم. فعلينا أن نقدم هذه الأخطاء للبلدية من خلال كل الوسائل المتاحة، وعلى البلدية استقبالها منا برحابة صدر، وتصحيح كل ما يمكن تصحيحه، والتعلم من تلك الأخطاء بهدف الحرص على عدم تكرارها.