تفتخر كل مدرسة في الغالب بعدد المتفوقين المتخرجين من فصولها، وترى نسبة هؤلاء معبرة عن تلك القيمة المهمة التي استطاعت تقديمها للمجتمع، فيما يمكن بوضوح اكتشاف أن النسبة الساحقة من هؤلاء ما هم إلا صنيعة أُسرهم التي بذلت الكثير من الوقت والجهد لتطوير أبناءهم والوصول بهم الى أعلى الدرجات، أما البائسين الذين شكلت الظروف القاسية أسباباً منطقية لتراجع مستوياتهم الدراسية وحتى التربوية، فإنَّ مستوياتهم المتدنية يُنظر اليها باعتبارها نتيجة حتمية لأفهامهم المحدودة، التي لا يمكن بحال من الأحوال الارتقاء بها الى أفضل مما هي عليه، وهم بذلك يمنحون أنفسهم قبل المجتمع العذر في تدني مستويات هذه الشريحة وعدم حدوث أي تغيير إيجابي ملفت على مستوياتهم الدراسية .
في اعتقادي أن التحدي الحقيقي لأي إدارة مدرسية هو في تحديد أولئك البائسين الذين اسهمت ظروفهم غير السوية في ضعف مستوياتهم التحصيلية، والعمل على دراسة مشاكلهم وهمومهم والسعي في حلها، ووضع البرامج المكثفة للارتقاء بمداركهم وتطوير مستوياتهم، فالنجاح الحقيقي كما اعتقد هو في علاج مشاكل هؤلاء وتجاوزها، أما أولئك الأبناء الذين ينعمون بكل أسباب التفوق والنجاح فهؤلاء في حقيقتهم الثمرة التي تعبت عليها أسرهم وبذلت الغالي والنفيس من أجلهم، أما أنت أيها المدير وأنت أيها المدرس فأنتما في الغالب الطرف الأقل تأثيراً على هذا الطالب، أنتم في حقيقة الأمر من قطفتم الثمرة وأعلن بعضكم أنهم الزارعون! فيما الحقيقة المرة أنكم أبعد من ذلك بكثير .
متفوق من والدين أدركا سلفاً كل ما ينبغي عليهما ادراكه لبناء طفلهما علمياً ومهارياً فأصبح كما سعوا في ذلك، هو في حقيقته انجازُ أسرة وليس انجاز مدرسة، أما ذلك البائس المسكين الذي لم يقدم له البيت شيئاً، فهو كما أراه معيار المدرسة الحقيقي، عدد هؤلاء ونسبتهم وقدرة المدرسة على انتشالهم مما هم عليه هو الذي ينبغي أن يكون معياراً للنجاح، أما دون ذلك فلا أظن أن المدرسة تستحق الصاق مثل تلك الإنجازات والتي تَعدُ بالنسبة لها – فيما ارى – مجرد أوهام او أقرب إلى ذلك .
سراج أبو السعود
كاتب – الرأي السعودي