كم يبدو مؤلمًا أن تفقد قدرتك على كتابة ما تشعر به، وتراقب الأيام وترجو من الله أن يحدث لك أمرًا يثير دهشتك ويجدد ذلك الشغف الذي انطفأ لانشغالك؛ وتمر الأيام ويأتي ذلك الحدث، وليته لم يأت، لأنه جاء كي أنعى فيه فقد عزيز غيبه الموت الذي لابد منه.
هكذا جرت سنة الخالق سبحانه أن تمر بنا لحظات نفقد فيها من لا نلتقي بهم مُجددًا، ليبقى في أعماقنا مجرد ذكريات مضت بجمالها.
الحكايات الجميلة تنتهي فجأة، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ، لذلك الشخص الذي كانت ابتسامته وميض من نور، الراحل الذي ترك فجوة في قلوب محبيه صغارًا وكبارًا، الراحل الذي كان يتسابق ليكون أول المهنئين بقدوم فجر جديد، الراحل الذي بعطفه غمر الجميع.
لماذا رحلت سريعًا وجمال الذكريات يجمعنا يا أبا أحمد؟ لماذا زرعت موسمًا للحزن وأنت الذي كُنت تزرع عبر حياتك الممتدة عبر هذه السنوات بساتين الفرح بتلك الابتسامة.
هل كان الزائر الغريب على موعد معك ذاك المساء؟ لم تكن ملامح الإعياء بادية على محياك؛ أم كنت تكابر كعادتك؟
زائرك الغريب استعجل الحضور دون موعد وفجأة اختطفك من أحبائك، يا من شملت مزاياك الحب، الرحمة، التسامح، الإيثار بلا حدود، والتواضع.
أبا أحمد أنت المحبة الجميلة وضحكاتك هي موسيقى، لم تتوقف حتى قبل رحيلك، عندما قدمت ذاك المساء لتزف التهاني لأولئك الشبان بيوم زفافهم، كان حلمك قبل أسبوع أن نجتمع حولك ومن معنا على مائدة الغداء، وفي ذاك المساء غدا حلمًا.
معرفتي بك جعلتني أتوقف قليلًا لأتأمل جميل صنعك لم تكن تملك شيئًا غير أن حُسن أخلاقك، وكلماتك الطيبة المسبوقة بتلك الابتسامة كانت رصيدًا لا يستهان به.
عشت بسيطًا ورحلت بسيطًا، لا قيمة للمال لديك، فكُل ما لديك لغيرك بتفانٍ وإيثار.
أوحدت أخاك، وشريكك بكل رحلاتك، انحنى ظهره برحيلك، فأصبح رجل المائة عام، اتكأ عليك فرحلت مخلفًا الوحدة له والخذلان.
أبا أحمد أنت لم ترحل، أنت باقٍ في قلوبنا، نعم أيها الراحل.
حُزننا كان ثقيلًا، ولكن هذه إرادة الله ولا راد لقضائه.
لك الرحمة ومثواك الجنة.
اللهم رضا بقضائك، لا معبود سواك، ولا نقول ما يغضب الرب، وإنا بفقدك يا أبا أحمد لمحزونون.
رحم الله “عبد المحسن السبع”