ذات لحظة

قد يتفق البعض معي، هناك أشخاص لا تحترم مشاعرنا ولا أوجاعنا ولا خصوصياتنا، تترك الذهول والدهشة فينا حين تباغتنا وتداهمنا بتجاوزها وفضولها، لهذه الأشخاص كتبت نصي هذا، فحين أردت كتابته لم أر ولم أسمع شيئًا غير شيء فقط ستعرفون هنا، ربما يستغرب البعض هذا النص ولكن لا أخفيكم سرًا نصي هذا له نكهة خاصة خجول البوح وإنساني النبض، هامسة للبعض أيها اللاهثون وراء النقد: إنكم تتابعون كتاباتي لذا لا يسعني إلا أن أكتب ما يليق بكم، لكل كاتب نصوص ذات نكهة مميزة، حيث صفحة كتاباتي لا تتجاوز ثقلها الحد المسموح للكتابة، وكم أكون أمام هكذا مواقف بهذه الصلابة! حتى حينما أكتب نصًا بذهول ودهشة يكون مبللًا بالعطر وبيدي كوب من القهوة.

اليوم كنت في حوار مع شخصية جريئة، وكان جل حوارنا عن نوعية كتاباتي وجرأتي الأدبية، هذا ما كانت تنوه تلك الشخصية عن مقالي الأخير “تجربة لم تخطر على بالي”!! ولقد اعتبرت بل استشفيت من الحوار عن فيض دهشة منها، ينحدر إزاء غاية خفية متقنة النقد والرصد، لما جاء بمقالي بما عشته من أزمة صحية!! وهنا سؤال يطرح مشاكسته كيف يمكننا الارتقاء بالذائقة والموهبة الشخصية؟؟ ولكن هذا هو قدرنا مواقف عابرة لا تحصى، وتجاوز صاخب لا ينبغي ذلك، وهذا هو الحال في زمن التجاوز السافر. من ذا الذي يتحرر من هكذا سلوكيات ويحوز نعمة الاعتذار من بعض الانتهاكات الشخصية! فما كان مني إلا إن قلت لتلك الشخصية: ما هذه الألفاظ الجزيلة التي لا أعرف كيف أشكرك عليها!! وعذري أنني لا أمارس التبرير لأي شيء يخصني فكيف بالكتابة!! عادة أنا أكتب عن حالة أو موقف له صلة حية بالزمان والمكان وبالواقع الإنساني، حيث لحظة الكتابة ألمح قلمي يقتنص الأشخاص والمواقف ويذهب بعيدًا دون دراية مني.

الكتابة فيها سر خطير فهي لا تمنح جوهرها إلا وقت التحديات، هكذا أجدها مسؤولية دون ترف لأكتب عن مواقف ومشاعر ربما تخلدها الذاكرة!! يحبطني التكرار بالكتابة التقليدية حد الاشمئزاز، مدركة أن الروتين هو ما يسرق المرءَ دهشته وموهبته. كتبت هذه التجربة في غضون وقت قصير ونشرتها في ذات اليوم، لم أكن طامحة إلا لتوثيق معاناتي بهواجس مربكة مضت عبر الروح قبل الجسد، حيث في أوقات المرض يتحرر اللاشعور بشكل أفضل أحيانًا، مما يسمح بالتقاط مشاعر مختلطة وسط الوجع والمعاناة. وجميعنا يعيش هذا الإحساس دون المقدرة على ترجمته، وأنا من يدمي قلبي الظلم والتجاوز ويبكيني الطفل اليتيم والإنسان الفقير وأبكي حين أشتاق أمي.

رسالة لمن يهمه الأمر
من حقك أن تنتقد ومن حقي الدهشة وأنا المعروفة بسعة الصدر والصبر، آملة أن أبقى على هذا التوازن في زمن لا يشجع على ذلك. ولكن لماذا هذا الإلحاح بهذا القبح وما الضير لأن أكتب شيئًا يليق بتجربتي المؤلمة، ولكن عليَّ أن أقول إنك شخصية رائعة ومبدعة. أيتها الشخصية العزيزة كل الشكر والامتنان لك وفنجان قهوة تركية باعتبار أن القهوة مع قليل من الحليب لأنصار السهر أمثالي.


error: المحتوي محمي