ناقش المشاركون في منتدى الثلاثاء الثقافي دور الفرد في معالجة التحديات التي تؤزم الصحة النفسية خلال الندوة التفاعلية التي أقامها المنتدى تحت عنوان “كيف تحافظ على صحتك النفسية؟” مساء يوم الثلاثاء 9 جمادى الأولى 1440هـ.
وحل الاختصاصي النفسي الإكلينيكي أسامة عبدالرؤوف الجامع ضيفًا على الندوة التي شهدت حضورًا كثيفًا ومتنوعًا، كما حل أيضًا الدكتور محمد مهدي الخنيزي عضو مجلس الشورى كضيف شرف في هذه الأمسية والذي سلم جميع المشاركين في هذه الندوة دروع المنتدى.
وأدار اللقاء عيسى العيد عضو الهيئة التنفيذية للمنتدى مفتتحاَ الندوة بالحديث حول أهمية تكثيف البرامج التثقيفية التي تهتم بالصحة النفسية، كما عرف بالاختصاصي النفسي الجامع.
واستهل الجامع كلامه بالحديث عن العلاقة بين المشاعر والأفكار التي نحملها، موضحًا أن الجسد يتبع المشاعر، والمشاعر تتبع الأفكار مؤكدًا على أهمية التعرف على هذه العلاقة وتأثيرها على الجسد، كما أوضح أن من أهم أسباب التدهور النفسي هي المشاعر الصعبة مثل الحزن والحيرة في أمور الحياة، وكذلك عدم القدرة على التواصل وتكوين العلاقات الإيجابية مع الآخرين.
وبين أن العلاج النفسي يأخذ مسارين؛ وهما العلاج بالعقاقير والعلاج بالحوار، لافتاً إلى أهمية الوعي بهذا النمط العلاجي، مشيرًا إلى المحاور الرئيسة التي توجه الصحة النفسية وهي؛ النظرة تجاه الذات وتجاه الآخرين، والنظرة تجاه الحياة والمستقبل.
وأوضح أن النظرة إلى الذات تعني أن هناك معتقدًا عميقًا ينشأ عن النفس ويتشكل في الأذهان على مر السنوات، كما أن النظرة تجاه الآخرين تؤثر على جودة الحياة تأثيرًا بالغاً، فمن لا يثق بالآخرين ويتوجس منهم عادة ما يكون لديه اضطرابات في الشخصية، ولديه تفكير متصلب دائمًا بأن الآخرين يريدون إيذاءهم، ويفقدون الثقة بالمجتمع، ويفضلون الانعزال، ويغلب عليهم سوء الظن في تعاملاتهم، مما يفقدهم متعة الحياة وعفويتها، أما عن النظرة المستقبلية للحياة؛ فأكد أن مقدار التفاؤل ينعكس على مستوى الصحة النفسية، فهناك من لديه تشاؤم شديد وخوف من القادم، أو يعتقد أن المستقبل غامض ومخيف، فيعيش القلق بحيث لا يستطيع النوم جيدًا، وتكون حياته صعبة ويسيطر عليه اليأس فيتوقف عن الطموح أو الإنتاج.
وذكر بعض الأفكار التي تعطل جودة حياة الإنسان، ومنها رغبة الإنسان الملحة في معرفة بعض الإجابات أو الحل الفوري لبعض المشكلات، مما يخالف سنن الحياة، فبعض المشكلات تحتاج إلى وقت لتصل إلى حلول لها، مؤكداً على أهمية التحلي بالمرونة النفسية والعقلية في مثل هذه الحالات لكي لا يفقد الإنسان السعادة، منوهاً إلى العلاقة الطردية بين القلق والتركيز، فإذا زاد القلق قل التركيز وأضعف مهارة التأقلم في الحياة.
وبيّن أن الوقاية النفسية تكون من خلال توجيه التفكير الذاتي قائلا:ً “إنه في حالتي الوقاية والعلاج ينبغي التركيز على الانتقال من التفكير اللاواقعي إلى التفكير الواقعي، والذي يتمثل في إظهار المشاعر الطبيعية في مواقف الفرح والحزن”، مشيراً أنه لا يمكن إزالة جميع الضغوط من الحياة وإبعادها ولكن يمكن حماية النفس من خلال التعبير عن المشاعر التلقائية، ومكافأة الذات، كما أنه ينبغي الاهتمام بما أطلق عليه العلم الحديث “التيقظ الذهني” والذي يقصد به تفعيل الحواس الخمس في الاستمتاع باللحظة الراهنة التي يعيشها الإنسان وعدم إشغال الفكر بقضايا أخرى.
وركز الجامع على موضوع النزعة الكمالية (المثالية) موضحًا أنه يجب التفريق بينها وبين الإتقان، فأصحاب النزعة الكمالية لا يتحلون بصفة القناعة، ويهلكون أحاسيسهم وفكرهم في طلب الرضا التام الذي يصل إلى درجة لا نهائية في البحث عن الأفضل، مشيرا إلى أن القلق نوعان مثمر وقاتل، وأن هناك ثلاثة أخطاء في التفكير هي التفكير التضخيمي للأمور، والحدي (أبيض أو أسود)، والتنبؤات المتشائمة للمستقبل.
وفي نهاية حديثه قدم الجامع حزمة توصيات للوصول للصحة النفسية وتجنب الاضطرابات، أولها ممارسة الرياضة، وتنشيط الدماغ بحل المسائل والقراءة، والتعلم والتثقف حول التعامل مع حالات الغضب والانفعال، والتواصل الفعال وفهم الطرف الآخر، والتوازن بين خدمة الغير وحاجات النفس، واختتمت الندوة بنقاش مفتوح بين المحاضر والحضور الذين طرحوا أسئلتهم عليه.
وتضمت فعاليات الندوة؛ تكريم أول ممرضة بمحافظة القطيف، والحاصلة على عدة جوائز معصومة حسن الجامع؛ نظير جهودها الإنسانية، وتكريم زاهرة حبيب كرانات التي حققت المركز الأول في مسابقة تحدي القراءة على مستوى دولة الكويت عام 2017م والحاصلة على ماجستير في اللغة العربية وتعمل معلمة بالكويت، ولها عدة أبحاث منها “الخيال عند كولردج” و”العاطفة والإبداع الشعري” وكتب أخرى تحت الطبع.
وإلى جانب التكريم أقام الفنان حسن أبو حسين معلم التربية الفنية بالهيئة الملكية بالجبيل معرضه التشكيلي المميز للأسبوع الثاني على التوالي، وشاهد الحضور فيلماً قصيراً حول “مارتن لوثر كينج” بمناسبة قرب حلول ذكرى ميلاده.