استطاع الفوتوغرافي أثير السادة أن يحكي قصة يوميات المزارع بمحافظة القطيف، بجميع تفاصيلها من خلال 75 صورة جمعت في كتابٍ واحد حمل اسم “تيارم”.
ولخص الكتاب الفتوغرافي حكاية الزراعة بالمحافظة والتي تبدأ فصولها من لحظة تهيئة التربة وتقليبها، مروراً بغرس البذور والشتلات، ومن ثم السقاية وصرف المياه، وحتى بلوغ لحظة الحصاد، وبين هذه الفصول يمرر الإصدار مناظرا، طبيعية من المكان فضلاً عن وجوه المكان ورجاله.
وعن المدة التي استغرقها الفوتوغرافي السادة حتى يرى كتابه النور، قال السادة لـ”لقطيف اليوم” :”الكتاب عبارة عن خلاصة مشوار امتد لأكثر من خمس سنوات، كانت فيها رجلاي تحملاني للتطواف بهذا الحزام الأخضر الذي يحيط بمنطقة القطيف، من سيهات جنوباً وحتى الأوجام شمالاً، تكررت المناسبات وتعددت أغراضها فكانت محرضاً للتعمق في اكتشاف المكان وجمالياته، والوقوف على لحظة بيئية سريعة التحول، فهذه المساحات الخضراء هي الشاهد الأخير على عنوان الواحة الذي التصق بالمكان طيلة عقود وعقود”.
وأوضح بأنه اختار القطيف بمدنها وقراها لاتصاله بها جغرافياً وتاريخياً، ولعمقها البيئي الذي يذكر دائماً باختيارات الإنسان في هذا المكان والتي حملته للاستيطان بالقرب من الماء، والإفادة من ذلك في إعمار الأرض وإيجاد أسباب للعيش والحياة قبل أن تضمحل هذه الصورة وتتحول بتحول شروط الحياة وهيمنة النفط كعصب للحياة.
واعتبر السادة المساحات الخضراء بالقطيف بمثابة ذاكرة حية، مشيراً إلى أن الكتاب قد سعى للتذكير بها، وشحذ ذاكرة الذين عاصروا فصولها الأولى من أجل أن تبقى هذه الصورة صورة ماثلة في أذهان الناس.
وأضاف:”الكتاب هو دعوة لإعادة استكشاف جماليات المكان بصرياً، واستنهاض المعاني والصور والذكريات الكامنة فيه، كما أنه محاولة لموضعة الصورة الفوتوغرافية على خط الثقافة، وتحريض الآخرين على تحويل تجاربهم البصرية إلى مطبوعات يقتنيها الناس كما تقتنى اللوحات التشكيلية، وتحويلها إلى تجارب نابضة بالحياة وبالأسئلة”.
واختار السادة أن يكون عنوان كتابه مستقى من روح الفلاحة، سيما وأن “تيارم” يصف موسم التحولات، وفي ذلك إشارة ضمنية لتحولات المكان الذي يتحدث عنه، وقد جاء في مقدمة الإصدار قولاً مقتبساً لفلاحٍ تسعيني يذكر فيه بأن الفلاحين حالما يغادرهم البرد ويأتيهم هواء أو مطر يسمونه “تيارم”، وتستمر هذه الفترة أربعين يوماً، تلك الفترة يبدأ فيها الفلاح بـ”تحدير” النخيل.
القارئ ببصره للكتاب سيجد بأن السادة ضمنه فصولاً حملت أطوار الزراعة في المحافظة، أو بعض ماتعلق بها، فقد احتوى من ضمن تلك الفصول: مبتدأ الأرض، الفزاعات، دفتر الماء، وغيرها، وقد زينها بعبارات تعريفية قصيرة لكل فصل تجعل المتلقي يتخيل الحدث متحركاً أمامه قبل أن ينتقل إلى الصورة التي ترسم ذلك الحدث.
وختم السادة حديثه لـ “القطيف اليوم” بقوله:”لا يريد الكتاب أن يكون درساً في التاريخ، بل هو درس في إنتاج الصورة وتدويرها، وفي خلق مغامرات جمالية لا تتوقف من خلال العدسة التي باتت في عناق دائم مع كل شيء هذه الأيام”.