النافذة يعانقها الضوء

لم يأتِ، ظل واقفًا في الاتجاه الأيمن من أصابعه، يتأمل ضوء الشمس، يقرأ ما تخبئه حبيبات التراب، التي طالما يرشفها الماء العذب، ليشتد عودها، هنا، لا يزال يتأملها، قلبه، يعتصره الألم، لم تأن في خلده، أن فصول روايته ستقف في المنتصف طريقًا، كلماته نفد وميضها، تجاربه، أفكاره، خيالاته، غفا جفناها ذات لحظة.

وضع يراعه بعيدًا منذ زمن، لا يعلم أن أوراقه، التي عانقها الضوء، حبرًا، أصبحت الغياب، شخصياته، التي نقشها، لم تعد، هاجرة ما بين يديه، إلى اللاشيء، متعجبًا، كيف الرواة يكتبون أحلامهم، أفكارهم، تطلعاتهم، احتضان الأروقة، أخذته المحاولة كثيرًا، ليكتب روايته الأولى، لم يستطع، ثمة لا شيء، يختزله.

في بداية تعلقه بالكلم، مارس كتابة الشعر، احتواه لحد الجنون، دقائقه، تسابق أختها، لم يعد الشعر، يمنحه الاكتفاء، يشعره بذاته، استغراق، كفوضى، تبعثره، قرأ في النثر، قرأ كثيرًا، ألهبته البلاغة، كانتشاء براءة الطفل، دميته، حين أبصره قبل أعوام من الآن، يلاعبها، بساح منزلهم الكبير، كان الأطفال، يلعبون، يتبادلون الابتسامة حينًا، يبكون أحيانًا أخرى.

وبعد كل ذلك، استفحل خطواته، يبحث عن روايته، التي لم تكتمل، لم يجدها، يقينًا، إنها الأيام، أرادته متعلقًا بالفقد، الأطفال بلغوا رشدهم، لم تعد الدمية تستهوي مرحلتهم، إلا أنه لا يزال يتأمل حرارة الضوء، كهمس يسبح في الأطلال، لعل روايته الأولى، تسكنه بقاياها، إن لم تفارقه، بلا عودة.


error: المحتوي محمي