البطل الثقافي.. في آفاق الحميدي الأبرز بطولة.. والقدوة الحسنة

أكد الكاتب والناقد الأدبي محمد الحميدي في برنامجه “آفاق قافية”، بحلقته الرابعة، التي جاءت بعنوان “بطل ثقافي”؛ أن البطل والبطولة، لها أنواع متعددة، تناول بعضها، مؤكدًا أن البطل الثقافي، يأتي الأشمل والأبرز.

وأشار إلى أن حياة الإنسان على هذه البسيطة، تحتوي الكثير من الأبطال قديمًا وحديثًا، يستلهم عبر أفعالهم وأقوالهم طريقه ومسلكه.

وبيّن ماهية البطل، وأنواع البطولة، وكيفية التعامل معها، وقال: “إن التعريف اللغوي في المعاجم اللغوية، يأتي البطل بمعناه؛ الشجاع، الذي يخوض غمار الحروب، وغالبًا يأتي في سياق الإشادة به والتأكيد على إقدامه، ودون ذلك لا يكون بطلًا”.

وتابع اصطلاحًا، أن بطل الثقافي: تصور سيميائي مركب، يتم تشكيله من خلال الأنساق المتعددة، من خلال الأثر، وما يحدثه، مضيفًا أن النماذج الطبيعية، في العادة تكون عبارة عن طبقات تتراكم تلقائيًا عبر العصور.

وأوضح أن الشخصيات، التي تحولت إلى نماذج، اكتسبت تأثيرها القوي، من خلال التراكم التاريخي، لمجمل الأحداث والمواقف، مؤكدًا أن الحدث الواحد لا يصنع أنموذجًا.

وأردف بأنه ينبغي أن تصارع الشخصية الكثير من المواقف، إلى أن تنتقل من مرحلة الجسد، إلى مرحلة الفكرة المجردة.

وذكر أن أنواع البطل والبطولة، أولًا، الأبطال المتصارعين، الذي يكون بينهم مناوشات -أخذ ورد-، حيث لا يمكن جعل واحد منهم فقط، هو البطل أو له الكلمة الأولى والأخيرة، ممثلًا بالرجال المتصارعين على أنثى، يحاولون خطب ودها، نيل رضاها، كما في رواية “الأسود يليق بك” لأحلام مستغانمي، كتمثيل على هذه الحالة، حيث العلاقة هنا بين الأبطال، علاقة اللعب والصراع، تستدعي من قبل القارئ ما يمكن تسميته بالتداعي، والأحداث، تتداعى ويكون للقارئ نظرة تجاه كل بطل.

وتابع: ثانيًا، الأبطال الشاملين، كالقديسين والحكماء والشجعان، كعنترة وأخيل، فهذان البطلان، يمتلكان الشجاعة والمروءة، ويمتلكان قضية عادلة، ويدافعان عنها، لافتًا إلى مدافعة عنترة عن حقه في الحرية، وحقه في المساواة، وحقه في الزواج من ابنة عمه،في حين أن أخيل قضيته، تتمثل في إرجاع الحق إلى أصحابه، حيث سافر إلى طروادة من أجل إرجاع هيلين زوجة مينلاوس ملك إسبرطة، التي اختطفها باريس بطل الطرواد.

وقال: “إن القارئ، ينظر تجاه البطلين المذكورين نظرة إعجاب، يراهما مثالًا على البطل الثقافي المنتظر الراسخ في ذهنه”.

وأضاف: “البطل الثالث يقوم على أساس البطل الناقص سواء كان النقص جسديًا؛ كالعرج، أو العمى، أو كان النقص معنويًا، كالجنون، أو عاطفيًا، كقلة الرعاية والاهتمام والحصول على إشباع عاطفي، الذي يمكن التمثيل له بالبطل جلجامش الباحث عن الخلود.

وأوضح أن هذا البطل، يعاني فراغًا نفسيًا كبيرًا، تمثل في رغبته في العيش إلى الأبد، وقال: “لعلها رغبة الكثيرين، ما يجعلهم أبطالًا ناقصين، أو رواية أوليفر توست، لتشارلز ديكنز، حيث حرمان الأطفال ونقصهم، الذي يدفعهم إلى ممارسة السرقة والنشل”.

وعلق بأن القارئ هنا، تكون نظرته، نظرة الإشفاق على هذا النوع من الأبطال، مشيرًا إلى أن الرابع يحدث مع البطل المعذب والمضطهد الذي يعاني من شرور الآخرين، وسخريتهم، واستهزائهم، وقال: هذا النوع من الأبطال، يثير المسائل الأخلاقية والأحكام، التي تنظم حياة البشر، فيما بينهم، والقارئ هنا ينظر تجاه هذا النوع نظرة تطهير للنفس ومحاولة رفع الظلم، الذي وقع عليها.

واختتم بأن البطل الخامس يتعلق بالبطل المضاد الذي يعاكس البطل في توجهاته، وتصرفاته، ويضمر له الشر، يجعل جميع خططه تفشل، ويمكن التمثيل له بياغو في مسرحية عطيل لشكسبير، حيث عطيل يحب ديدمونة، ولكن استماعه إلى كلام ياغو جعله يخنقها، ثم يطعن نفسه بالسيف، كذلك أشعب باعتباره بخيلًا، إنه بطل مضاد للبطل الكريم، ليأتي دور القارئ في التهكم والسخرية والضحك.

وقال: “هذه أبرز أنواع البطل والبطولة، وإن كان هناك أنواع غيرها، منوهًا إلى أن البطل الثقافي، الذي تحصل اتجاهه عاطفة الإعجاب، يسعى الإنسان إلى التمثل به ومشابهته، بكونه البطل الشامل، كالقديسين والحكماء والشجعان”.

الحلقة الرابعة: https://youtu.be/XGC5umb_CSI


error: المحتوي محمي