لا تحملوا وزارة العمل فوق طاقتها

أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، أن الوزارة تهدف إلى توطين قطاعات جديدة تباعا، من بينها التجزئة، الصحة، التعليم، السياحة، التأمين، المصارف والنقل. هل هذا الحل الأمثل؟

“كونفوشيوس” قال “إذا خططت لسنة ازرع الأرز، وإذا خططت لعشر سنوات ازرع الشجر، وإذا خططت لمائة سنة علم الأطفال”. وفقا لتقرير صادر عن ماكينزي “ما يقرب من نصف كل عمل نقوم به سيكون آليا بحلول عام 2055. هذا لا يعني أننا ستغمرنا المياه مع ارتفاع معدلات البطالة خلال العقود القادمة”. ما يجب علينا أن نفعله هو محاولة حل المشكلة، كيف يمكننا أن نستمر بأن يكون الأشخاص يعملون جنبا إلى جنب مع الآلات ونحن نمضي إلى الأمام؟ ويشير التقرير إلى أن التحرك نحو الأتمتة سيجلب معه أيضا دفعة عالمية في زيادة الإنتاجية، قد ترفع نمو الإنتاجية على مستوى العالم من 0.8 إلى 1.4 في المائة سنويا.

ماذا عن العمال؟ خلال القرن الـ 20 وإلى اليوم، انتقلت الولايات المتحدة من وجود 40 في المائة من القوى العاملة في الزراعة إلى أقل من 2 في المائة فقط، لا يوجد لديهم 30 في المائة بطالة لأنه، في الواقع، وجدوا أشياء جديدة للناس أن تفعلها، تاريخيا كنا قادرين على القيام بذلك. الرئيس أوباما قال “إن الأتمتة ستبدأ، وأضاف نحن في مرحلة الطفولة من هذه الأفكار، يجب أن نكون مستعدين للتعامل مع هذه القضايا بشكل استباقي قبل أن تضطرنا الظروف”.
“هذا البلد لا مستقبل له.. هذا البلد لن يتعافى حتى بعد مائة سنة”.

قائل هذه العبارة هو دوجلاس ماك آرثر، عن مستقبل كوريا الجنوبية بعد 36 عاما من الاحتلال الياباني لها ثم حربها الضروس مع كوريا الشمالية التي خلفت بلدا أشبه بمجاهل إفريقيا الآن، تعاني دمارا اقتصاديا وفوضى سياسية، وقدرت الأضرار الناجمة عن الحرب بنحو 69 مليار دولار أي ما يعادل خمس مرات الناتج الإجمالي لكوريا الجنوبية حينها. فقد دمرت الحرب ربع البنية التحتية للبلد؛ ودمرت 40 في المائة من الوحدات السكنية تدميرا كاملا، كما أتت على 46.9 في المائة من شبكة السكة الحديدية و500 كيلومتر من الطرق والقناطر ودمرت 80 في المائة من محطات توليد الكهرباء. إضافة إلى ذلك ألحقت دمارا واسعا بالبنية الصناعية؛ حيث دمرت 68 في المائة من مجموع المصانع وتراجع الإنتاج الصناعي بنحو 75 في المائة، كما تراجع إنتاج الأرز بـ65 في المائة.

مع بداية عام 1961 تولى الحكم الجنرال بارك تشونج الذي قال “إن لم نتغير نحن لن تتغير كوريا” فعمد إلى خطة ذكية لرفع روح الوطنية في أبناء شعبه عبر إرسال مئات الآلاف منهم إلى الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية للعمل، ومن الأموال التي كانوا يرسلونها مع التعويضات من اليابان بنيت المدارس والجامعات. وقسم الشعب الكوري إلى ثلاث فئات الرجال يذهبون للعمل في الحقول لزراعة الغذاء والشباب يذهبون للعمل خارجا والأطفال يتعلمون والنساء يعملن على خدمة هؤلاء فلا أحد بلا عمل. فالجميع خلف هدف واحد هو نهضة كوريا.

بعد ثلاثة عقود تحولت كوريا الجنوبية من ثالث أفقر دولة في آسيا إلى أحد أقوى اقتصادات العالم وناتجها القومي أكبر من ناتج كل الدول العربية مجتمعة. والسر واحد ووحيد التعليم التعليم..! إن صلح التعليم صلح كل شيء وإن فسد التعليم فسد كل شيء.
وطننا يمر اليوم بأوضاع اقتصادية صعبة لكنها ليست أصعب مما عانته كوريا، والتحديات كبيرة والحل ليس بيد وزارة العمل التي قادها وزراء مخلصون حاولوا بكل الطرق وآخرها بقرارات زيادة تكلفة العامل الأجنبي التي ستؤدي لدمار اقتصادي إن صح التعبير.

ماذا عملنا لمواجهة تحديات السوق الحالية والمستقبلية؟
الحل يبدأ من وزارة التعليم التي يجب أن تعمل على ابتكار تعليم يتناسب ومتطلبات سوق العمل الحالية والمستقبلية، ووزارة التخطيط التي يجب أن تبادر بالعمل على ابتكار نمو اقتصادي يولد وظائف في كل مناطق المملكة الأقل نمو. وما يمكن أن تقوم به وزارة العمل من خلال صندوق “هدف” الذي يمول من القطاع الخاص هو توجيه كل موارده لدعم تأهيل وتدريب العاملين في القطاع الخاص وجعلهم قادرين على مواكبة متطلبات القطاع الخاص الحالية والمستقبلية بدلا من الاستثمار والصرف الكبير على الدراسات والاستشاريين التي لم تحقق المأمول من إنشائه.

الاقتصادية


error: المحتوي محمي