لم يكن المساء إلا بكونه يأتي مفعمًا بالفائدة، التي يكتنفها الألم، ليس من السهولة أن تصغي إلى معاناة الآخرين، والأكثر منه ألمًا حين لا يبثون شكواهم إليك.
كان واقفًا مع رفيقيه، وجنتاه حمراوان، عيناه ذابلتان، كعادتي في بداية هطول الظلمة على الشوارع، والأزقة، أتوجه إلى البقالة، لأشتري بعض أشياء، حينها، أحسست بألمه، سأحكيها ثمة أشياء تُحكى.
علاقته مع هاتفه النقال كعلاقة الأنثى بالمرايا، المجمعات التجارية، والتسوق -التبضع-، ذات حضور، أخذ يشاهد مقطعًا -فيديو-، أرسل له من خلال تطبيق “الواتساب”، تحدث فيه أحد الأدباء، الذي قرأ الكثير من الكتب في مكتبته المليئة، لتصل بالآلاف في مقابلة صحفية، نصح فيها الشباب بأن الوصول للنجاح، يأتي تصاعديًا، خطوة، تعدوها خطوات، ونصحهم بألا يتوهموا النجاح، وأنهم وصلوا للقمة، وحذرهم أن التوهم، هو الفشل، بعينه، حينها عزم على نفض الغبار عن كتبه، ليمنحها الحياة مجددًا، بعد أن تركها في زاوية حجرته زمنًا، إلا من زيارات خجولة.
جلس على مقعد مكتبه، أمامه جهاز الحاسب الآلي، الذي يخط عليه كتاباته، لم أخبركم أنه يمارس الكتابة بمختلف ألوانها، في الجهة اليمنى من مكتبه بعض دروع الشكر، وفي الأخرى أوراقه المتناثرة، قصاصات ورقية، التي يسجل عليها ملاحظاته، أفكاره العابرة، لمحات بصره، يعتقد أن كلمات الفلاسفة والمفكرين، الأدباء..، ما يُحكى، تُضيء الشرفات بالحياة. أغمض عينيه، يُحدق في ذاته بعمق، الآن.