لا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية يخلو من وجود أفراد من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن الفرق يظهر في طبيعة نظرتها وتعاملها مع هذه الفئة من فئات المجتمع.
مسيرة حياة الإنسان في هذه الدنيا ليست مضمونة بأن تكون بلا همٍ ولا غمٍ ولا نكدٍ، بل الحياة مليئة بالمشاكل والهموم، والتي تحتاج إلى الصبر والاستعانة بالله تعالى، ومن الفئات الاجتماعية التي تواجه مشاكل معقدة وحساسة في مختلف المجتمعات هي فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، عندما نقارن النظرة الإنسانية لذوي الاحتياجات الخاصة بين المجتمع الغربي والشرقي نجد أن المسافة بعيدة بين المجتمعين.
إن نظرة المجتمع الغربي إلى الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة تختلف اختلافًا كبيرًا عن نظرة المجتمع الشرقي له، ففي الغرب يحترم الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة من جميع الناس، فالكل مستعد لتقديم المساعدة له في أي وقت ومتى أراد، وفي الغرب أيضًا سخرت طاقات العلماء والمهندسين في ابتكار الأجهزة البديلة لمساعدة الإنسان ذي الاحتياجات الخاصة، وسد النقص وتعويضه عن الإعاقة التي خلق بها أو أصيب بها جراء عمل ما، وجعله يعيش بين الناس مستمتعًا بحياته كباقي البشر.
المجتمع الشرقي ينظر إلى الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة على أنه شخص ناقص عن باقي أفراد المجتمع، لا لسبب إلا أن الله جل شأنه ابتلاه بإعاقة حدت من مشاركته في دوامة الحياة والروتين اليومي فيها، وفي المجتمع الشرقي يظل الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة ينظر لهذه الحياة نظرة العصفور مكسور الجناح الذي لا يستطيع اعتلاء الشجرة مع باقي العصافير التي يسمعها تغرد فوقها وهو تحتها على الأرض.
عدم إنصاف المجتمع للإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتعويضه بدعم مادي وفكري وإنساني، ومحاولة سد النقص عن الإعاقة التي خلق معها سوف يجعله يتدمر نفسيًا على مر الزمان، فصاحب الإعاقة الخاصة هو إنسان كباقي أفراد المجتمع، ينبغي علينا جميعًا أن ننظر إليه على أنه شخص فعال في المجتمع مثل باقي الناس لا عكس ذلك.
إن تفاعل المجتمع مع الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة له أثر كبير في الحد من الإعاقة التي ألمت به، بينما نفور المجتمع منه يزيده همًا فوق همها، والدولة قامت مشكورة بتوفير معظم حاجيات الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة كالتوظيف، والرعاية، وتوفير الأجهزة اللازمة لمساعدته، وكذلك صرف راتب إعانة له وتوفير أماكن وقوف لسيارته، ولكن كل ذلك لا يعوّضه عن النظرة الإنسانية من مجتمعه فهو محتاج لها أكثر من أي شيء آخر.
خلاصة القول إن مساعدة الإنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة واجب إنساني، وكوننا ننتمي إلى دين أمرنا بمساعدة الضعفاء، لذلك من الواجب علينا جميعًا مساعدة الشخص من ذوي الاحتياجات الخاصة بكل أريحية وبكل حب، ليغرد فوق الشجرة مثل باقي العصافير من أفراد المجتمع.