لم تعد رؤية ابتسامة مزينة بضرس “المشخص” الآن محببة لدى الكثير من فتيات الجيل الجديد، ولا سالفه أيضًا، ولم تعد تتباهى النسوة بتركيب أربعة أضراس ذهبية في حال زيارتهن للمراقد المقدسة في العراق، لتزيين ابتسامتهن وتخليد رحلتهن في ذاكرتهن وذاكرة كل من يقصدهن، وحتى يعلم كل من يراه أن صاحبته قد تشرفت بزيارة كربلاء!
“ضرس المشخص” التلبيسة المصنوعة من الذهب، تبدأ قصة تركيبها لدى نساء القطيف في أول رحلة يقصدن فيها زيارة المراقد المقدسة في العراق عندما انتشرت موضته، فهناك تحرص النسوة في حجز موعد مع بائع أسنان الذهب لتركيبه قبل عودتهن للبلاد.
حكاية من الذاكرة
الحاجة زهراء أحمد تعود بذاكرتها إلى ما قبل أربعين سنة، وتروي لـ«القطيف اليوم» قصتها مع موضة ضرس الذهب التي برزت في تلك الآونة وتقول: “كنا نعتبر في تلك الفترة أن تركيب تلبيسة ذهب على أحد الأسنان زينة تدعو للتباهي والفخر، وكنت من المحظوظات حينها عندما توفقت للزيارة في عمر التاسعة عشرة وخضت هذه التجربة، ففي مدينة كربلاء كان يجول الطرقات رجل يحمل حقيبة مليئة بالأسنان الذهبية بمقاسات متعددة ويعرض خدماته في تركيب أسنان الذهب، وفي الحقيقة لا أعلم أهي أسنان مصاغة من الذهب حقًا أم مجرد “رانقو” المهم أننا كنا نعتقد أنه ذهب حقيقي وربما هو كذلك فلونه لا يتغير كما أنه لم يؤثر على صحة الفم والأسنان”.
وتتابع: “المرأة التي ترغب في تركيب التلبيسة الذهبية تحجز موعدًا لدى بائع الأسنان المتجول، ليحضر في الفندق الذي تسكنه ويركبه لها هناك فلم يكن تركيبه في العيادات ولا لدى طبيب أسنان مختص، وكانت طريقة تركيبه على أحد الأسنان بواسطة مادة تشبه المعجون، وبقيمة 100 ريال للضرس الواحد”.
وتواصل حديثها: “المشهور غالبًا تركيب أربعة أسنان ذهبية اثنين في الفك العلوي واثنين في السفلي، إلا أنني فضلت تركيب ضرس واحد فقط فبحسب ذوقي سيكون أجمل، إلا أنه سقط بعدها بسنوات وأصبحت ابتسامتي الذهبية مشهدًا من الماضي”.
شعبية الذهب
استطاعت خطوط الموضة في التعبير عن ثقافة الحقبة الزمنية التي عاصرتها النساء في السبعينات وصولًا إلى مطلع الثمانينات، فانجذاب النساء إلى تركيب الأسنان الذهبية أو ما تسميه بلهجتهن المحلية بـ”ضرس المشخص” ما هو إلا دلالة على تعلق نساء القطيف بزينة الذهب، فلم تكتف بارتداء الأقراط والأساور والخلاخيل، وبعض قطع الذهب الثقيلة كـ”كرسي جابر”، و”المرتعش” و”القلادة” و”النجوم الليل” وغيرها، فأضافت إلى ابتسامتها تلبيسات من الذهب لتكمل زينتها ببتسامة ذهبية وتصبح في ذروة أناقتها في المناسبات السعيدة.
مطاردة الموضة
تأبى السيدات التوقف عن مواكبة الموضة في تطورها السريع، فموضة تلبيسات الذهب التي انتشرت في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، انحسرت الآن بعد التغيرات الكبيرة التي حدثت في عالم الموضة لتبزغ بعدها “الكريستالة” وتكون الوجهة الأولى في إكسسوارات الأسنان لدى الشابات، حيث يذهب البعض إلى تثبيت الأحجار الكريمة والكريستالات على أحد الأسنان الأمامية بأشكال وألوان مختلفة.
وعملية تثبيت الكريستالة هو أمر سهل لا يستغرق العشر دقائق حتى، فكل ما يفعله الطبيب هو وضع مادة لاصقة على السن ومن ثم تثبيتها، بعد أن يقوم بتنظيف السن جيدًا.
وعلى الرغم من أن زمن أسنان الذهب قد ولّى، إلا أنه من الممكن أن يعاود أحد المشاهير على إحيائه، كما يحدث في الكثير من الملابس والإكسسوارات، حيث تعود موضة من الماضي فجأة ثم تعاود الاختفاء.