
البعض من المجتمع ربما يستهين بعمل غيره ويقول كان بإمكاننا أن نفعل ما فعل الرجل فلان، ويرددون القول؛ لو شئنا لفعلنا، أو ربما يستصغرون الأعمال وينظرون لها بعين عوراء، ومن يبخس عمل غيره وينشغل في الناس يظل واقفًا في محطة الانشغال بالناس ولا يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام.
مكتشف قارة أمريكا “كولومبس” عندما حصل على رتبة لقب أمير البحار أراد ملك البرتغال عمل تكريم إلى “كولومبس”، الدعوة شملت كبار العلماء والنبلاء، وأثناء تبادل الحديث بين الحضور، هُمست في أذن “كولومبس” كلمات بتسفيه وإسقاط اكتشافه، أحدهم قال: لو أي شخص ركب السفينة سوف يصل إلى الأماكن ويكتشف أمريكا، والبعض الآخر قال: لا يستحق “كولومبس” هذا البذخ من الملك لأنه فقط تجول في سفينة وأبحر في اتجاه غير معلوم، فجميع عموم الناس تستطيع الإبحار.
بعد سماع كولومبس لتلك الأقاويل لم يرد على الشتم له، بل دعا زملاءه العلماء إلى طاولة الطعام وأمر بإحضار بيض مسلوق وأخذ منه بيضة مسلوقة فقال: “ساداتي أتحدى أي شخص في القاعة أن يجعل البيضة تقف على رأسها ومن يفعل هذا سوف أشهد له بالفطن”، فحاول الحضور إيجاد طريقة لجعل البيضة تقف على طرفها ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل، ثم قالوا: المنطق ينفي إمكانية طلبك! أجابهم كولومبس: بل نستطيع أن نفعل ذلك، فقالوا: أرنا إن كنت صادقًا، تناول كولومبس البيضة نقرها بخفة وبرفق برأسها على المنضدة جاعلًا رأسها السفلي مسطحًا، وبهذا وقفت البيضة على رأسها.
بعض من كانوا حاضرين تفاجأوا وفهموا مقصده بأنه بمجرد فعل الشيء مرة فإنه بمقدور الجميع فعله، ثم هاج أحد الحضور برفع صوته: طريقتك في إجلاس البيضة على رأسها سهلة جدًا وربما معروفة لدينا، فقال له كولومبس: فلماذا لم تفعلها؟
إن الشخص المبدع هو الذي يفعل ما لم يفعله قبله من الناس، الشخص الناجح من تكون فيه حس المبادرة ولا يشارك الآخرين في تشاؤمهم، حيث الفرد الناجح هو من يمتلك حس المبادرة دومًا، ولا يلحق الآخرين في مراقبتهم للناس وتصغير حجم من حولهم، الاكتشاف هو أن تكون أول شخص يعرف أو يبتدع الطريقة، أما ثاني مرة كما لو فعلتها فهي مجرد تقليد.