إن المجموعة القصصية ” رغبة جامحة ” للقاصة أميرة الشمر . تأخذنا – أميرة – في مجموعتها القصصية ، لنبصر الأنثى ، كيف تستفيق عبر أنامل يراعها لتبث شكواها وأمنياتها وأحلامها ، بلغة بلاغية تستفز المُتلقي ، لتجعله يستيقظ من العتمة ، مجدفًا ناحية الضوء . إنها عنونة مجموعتها برغبة جامحة ، التي جاءت عنوانًا لإحدى قصصها ، هنا قد يُعاب جماليًا أن يتم وضع عنوان قصة ، كعنوان مجموعة قصصية ، بحيث تُعطي المُتلقي ، مسبقًا تصورات ذاتية عن توجه الكاتبة ، الذي قد لا يتفق معها القارئ . وعليه فإن عنوان المجموعة – برأينا القاصر – تطفلاً ، جاء وافيًا من جهته البلاغية ، خصوصًا أن مجمل النصوص عنصرها الأساسي المرأة ، كحالة عشق معجون بالشقاء ورومانسية لقاء الكلمات .
في قراءة نقدية على مجموعتها الأولى ” عش الحنان ” ، التي كتبتها سابقًا ، أشرت فيها ، بأن – أميرة – ، في إصدارها الجديد ، سيكون عنصر البلاغة فيه ليس مراهقًا ، وإنما سيكون خصبًا . إن نصوص ” رغبة جامحة ” ، معتقة بخصوبة تراب الكلمات بلاغيًا ، وهذا جلي إذا تعمقنا في المفردة ، كذلك في التعبيرات البلاغية – الصور الجمالية – ، أكانت في تركيب المفردات أم في المعنى الضمني – إن درامية المعنى ، الذي يُستشرف من خلال غربلة المعاني – ، إضافة إلى حياكة النهايات المفتوحة ، كزخرفات فستان لا انتهاء لها ، سوى انتشاء جمالية المعنى ، والإبحار في استنطاقه – المعني في القصص القصيرة جدًا – .
إن الأنثى في حكايات – أميرة – ، لها صبغتها الواقعية ، تأخذ من الواقع مادتها ولغتها ، هنا كيفية قدرة القاص على استنطاق الواقع في جعله نصًا أدبيًا ، يحدثنا في انجذاب كنه أرواحنا ومشاعرنا ، يحتاج حرفية وإتقان نوعي . إن القاص الذي لا يقتحم ذاتية المُتلقي ، لا يُعد كونه – حكواتي – تنتهي متعة حكاياته بانتهاء الحكاية ، لهذا تتمتع هذه المجموعة – رغبة جامحة – ، بأنها تسكننا آنية قراءتها وبعدها ، لها امتداد المسافات ، تفكيرًا وعاطفة ، انغماسًا في الواقع ، كأنه قهوة فرنسية ، تبقى رائحتها بين الشفتين ، نتناغم معها ، لنستكشف مذاقها ، تأملات ذوقية .
إنه وفي قصصها القصيرة جدًا ، قد يصنفها البعض ، بأنها شبه خاطرة – لربما – ، هنا لا يُلام البعض في هكذا تصور ، لأن الذائقة اعتادت كلاسيكية كتابة القصة ، بكونها درامة تعتمد على قاعدة أساسية في البناء ، على حد سواء الهيكلي أو الموضوعي . ونقولها بجزم اللغات حين تجزم : إن النص القصصي حين يُقرأ من أكثر من قارئ ، ليخرج الكل بذات الفكرة وذات الذبذبة الشعورية . نص لا ينتمي للإبداع بصلة ولا ظل ، ليكون مُجرد سرديات – حكواتية – ، ونستشهد بقول الأديب الإنجليزي برنارد شو ، حيث قال :اللا قاعدة ، هي القاعدة الأساسية . وعليه نأمل أن تستمر القاصة – الشمر – في اتخاذ مسلكها الكتابي في القصص القصيرة جدًا ، كريشة فنانة تُبدي النص رطوبة اللوحة الفنية – التشكيلية – ، لتجعلها ومضات قصص ولوحات ، تستهوي القارئ ، لترتقي بذائقته ، فما عادت ذائقة المُتلقي تستوعب رداءة النص الأدبي .