الفنانة ذكريات الزوري، وكما عودتنا في السنوات السابقة، بالمثابرة والاستمرار على نهج من سبقها في الفن التشكيلي والتعليم بالرغم من هدوء الساحة الفنية في هذه الفترة، إلا أنها وبالإصرار استمرت وأنتجت مع طالباتها العديد من المعارض والمشاركات.
منذ أن بدأت في دروسها مع الفنانة “سهير الجوهري” وشغف الألوان والفن يأخذها إلى حيث تريد دائمًا بفرشاتها الحالمة وألوانها الشفافة، كانت ولا تزال محافظة على مستواها الفني منذ بداياتها حتى هذه اللحظة وفي تقدم، وبالرغم من وقفاتها السابقة إلا أنها واكبت الفنانين والفنانات من جيلها والأجيال التي تليها، وحفرت بذلك اسمًا لها في طريق الفن في القطيف.
حوار مع الفنانة ذكريات يلقي بعض الضوء على شخصيتها الفنية..
– س:ا لفنانة ذكريات من أنتِ؟؟ وماذا ولمن ترسمين؟؟ وما ميزتك؟؟ وكيف تنظرين لشخصيتك الفنية؟
– ج: ابنة للقطيف عامة تمارس دورًا قد يصعب على غيرها ممارسته، فأنا أعمل وأنتج ونتاجي ناطق وليس لساني، ينطق عن ذاتي وينطق عما يراود مجتمعي، ينطق عن أفراده وجماعاته، أكتب وليس لي أداة للكتابة، وأرسم وليس لي فرشاة، كل ما أملكه إحساسي وشعوري الحالم أصنعهُ على هيئة لوحة متى ما احتجت للتعبير عن ذلك.
أنا لا أنظر لشخصيتي الفنية بقدر ما أنظر إليها من زاوية الشخصية الإنسانية، الفن رسالة سامية إنسانية جدًا، أحاول إيصالها للمجتمع بطريقة مفهومة بعيدة عن التعقيد وبعيدة عن التكلف.
– س: هل على الفنان أن ينهل من كل الينابيع أم ينتمي إلى مدرسة معينة؟ وهل تنتمي ذكريات لمدرسة ما؟ وهل جميع المدارس الفنية الغربية الشهيرة يمكن أن تنجح في مجتمعنا العربي؟
– ج: بداية على كل فنان أن يؤسس نفسه في المدرسة الواقعية، يبدأها بدراسة الأشياء من حوله ويصعد السلم تدريجيًا، وبعد تجاوز هذه المرحلة سيجد نفسه لا شعوريًا يتخذ لنفسه أسلوبًا معينًا في الرسم يميزه دون التقيد بالمدرسة، ففي عصرنا نجد أن أغلب الفنانين قد تحرروا من قيود المدارس الفنية وأصبح الفنان يحاكي المجتمعات الغربية في ذلك التحرر.
المدارس الحديثة التي ظهرت بالغرب مارسها الفنانون في حقبة زمنية معينة، إلى أن أصبح العالم منفتحًا على بعضه بفضل تقارب وسائل التواصل وغيرها، مما أثر على رغبة الفنان في عصرنا أن يتجاوز فكرة التقيد بالمدرسة أو أن يطرح أساليبها بطريقة حداثية، توافق البيئة الاجتماعية التي يعيشها.
– س: الفن التشكيلي هل يمكن عده رسالة؟ ولماذا؟
– ج: الفن رسالة ليست مرسومة فقط إنما مقروءة أيضًا، وتؤدي دورًا كبيرًا في المجتمعات النامية، وقد تتلقاها فئات المجتمع من عدة زوايا، فالمثقف يتلقاها بمنظوره الثقافي بحسب نوع الثقافة التي يختزنها ويمارسها، أما العامة من الناس فقد يجدون الجمال في العمل ظاهرة فيجتهدون في ترجمته، وكل اجتهاد يسجل له لا عليه سواء أصاب أو أخطأ الترجمة.
– س: هل تخططين للعمل على اللوحة أم يكون العمل تلقائيًا؟
– ج: أحيانًا أجد نفسي أعبر في الوقت الآني، أنا أرسم ما أكتب، وأرسم ما أقرأ، وأرسم ما لا أستطيع أن أعبر عنه، وفي الحدث الجديد واللحظة التي مرت وراوغتني فتركت في نفسي أثرًا، أرسم ألمي وأرسم ذكريات لا تمحى وكانت الأقرب لوجداني.
– س: ما الرسالة التي توجهينها للمرأة السعودية في ظل التغييرات الهائلة التي يمر بها المجتمع، خصوصًا مع ما تمر به المرأة السعودية من تحقيق بعض ما كانت تطمح له؟
– ج: المرأة السعودية طموحة لها كيان مستقل كأي امرأة في أي دولة تعيش نهضة البلد المتسارعة، وطموحها يتسارع مع كل التطورات والمجريات الجديدة الطارئة، إذا كان لها غاية تسعى لنجاحها فلا توقفها العراقيل مهما اشتدت، فالنجاح لا يأتي من فراغ، إنما بالعزيمة والإصرار.
– س: شاركتِ في العديد من المعارض المتميزة محليًا ودوليًا، فما القيمة المضافة التي أتت بها لكِ؟
– ج: رصيدي من هذه المعارض هو الجمهور، لدي جمهور على نطاق واسع، وأنا أتواصل مع جمهور من داخل البلد وخارجه، وشعور جميل أن يترك ما تقدمه الأثر الطيب، لدي شهادات ودروع ومنحت سابقًا مجموعة من الجوائز والحمد الله.
لكن أقف عاجزة أمام ما قدمه ذلك الجمهور العظيم لي، وأعتقد أن كل ما أقدمه هذه الفترة بالذات كان بتشجيع منه.
– س: أي الموقفين يبعث الحماسة في إحساس الفنانة ذكريات؛ وقوف فنان تشكيلي أمام لوحاتها ويقوم بمناقشتها، أم وقوف إنسان عادي أمامها ويسألها عن مضمونها؟
– ج: من الصعب أن أضع الموقفين في مجال مقارنة، فكل موقف له طعم مميز.
يسعدني وقفة زملائي من فنانين وفنانات، والحمد الله فإن أعمالي تلاقي الرضا والقبول منهم بالغالب، ولا يضرني بعض الملاحظات، بل بالعكس هي زاد أتزود به وأسعى لتطوير نكهته.
أما تواجد عامة الناس أمام أعمالي، فهو لا يقدر بثمن، فكثير منهم يأتي معتنيًا ويقطع مسافات قد تكون طويلة لمشاهدة أعمالي على أرض الواقع.
– س: ما البصمة التي يمكن أن تتركها ذكريات بالفن التشكيلي؟
– ج: أتمنى أن أترك الأثر الجميل في نفوس الناس، الفن غايتي ورضا الناس غاية لا أسعى لإدراكها بقدر ما أسعى إلى أن أكسب محبتهم.
كلمة أخيرة توجهها الفنانة..
أشكركم جزيل الشكر على هذه البادرة، وأتمنى من كل شخص له طموح أو مسعى مهما بلغت به الصعاب أن لا يتوقف لنيله، تجارب الانزلاق كثيرة وليس من السهل أبدًا الوصول.
ويأتي معرض جماعة المرسم يأتي في موسمه الخامس، إذ سبق هذا المعرض أربعة معارض أُقيمت خصيصًا لاحتضان أعمال مجموعة من الفنانات الواعدات، ويجمع أطيافًا عمرية مختلفة وعلى مستويات متفاوتة في الإبداع.
وبدأت لجنة التنمية الاجتماعية الأهلية بالقطيف برعاية المعرض بتشجيع من رئيس اللجنة المهندس عباس الشماسي، وبالتعاون مع نادي الفنون بالقطيف، وكان لتلك البادرة دور كبير جدًا، فهي تمثل جزءًا كبيرًا في استمرارية المعرض، وبفضل من الله هناك سعي دؤوب لتقديم الأفضل، لذلك يشهد المعرض سنويًا تغيرات واضحة وتطورات نحو الأفضل.