موضوع مزعج ومنتشر كثيرًا وخصوصًا بين مجتمعاتنا وهو سوء الظن وسرعة الحكم على الآخرين؛ فغدا بنا الحال بالعيش في زمن الكراهية، والسبب هو عدم التريث في مثل هذه الأمور فبذلك أصبحت بيننا عداوات وخصومات؛ ففي مجتمعنا الحاضر شائع هذا الأمر، قال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [سورة النجم: 28].
فعلى سبيل المثال نرى شخصًا لا نعرفه ولم نعاشره من قبل فنقوم بالحكم عليه من شكله ونظراته والتجريح والإساءة إليه من دون سبب ولكن ماذا يحصل بعدها؟ نكتشف في حين التعرف على الشخص نفسه الذي أسأنا الظن به فنتفاجأ بمكارمه وأخلاقه وأشياء طيبة لم نتوقعها تصدر منه فننحرج ونعض أصابع الحسرة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]، فأحسنوا الظن وركزوا على إيجابيات بعضكم البعض ولا تتسرعوا بالحكم على الغير بمجرد موقف أو نظرة منه فتخسروا من حولكم وينفر منكم الآخرون بسرعة.
ونأتي إلى سوء الظن وسرعة الحكم في الاختلاف في الآراء والنقاشات بين الطرفين المتحدثين؛ لماذا عندما البعض تختلف معه بأمر أو شيء لا يعجبه فيك يصبح كالوحش الغاضب؟ فلنكن أحبابًا ونعود أنفسنا وقلوبنا على حسن الظن وعدم التسرع بالحكم على طرف الآخر، وأيضًا نتعلم آداب الحوار عند الاختلاف بالآراء فليس هناك أي داعٍ لتوليد الكراهية بين بعضنا فماذا سنستفيد غير العداوة والخصومة بيننا وبين الطرف الآخر وعدم الراحة النفسية والقلبية؟!
وأيضًا سوء الظن بالعلاقات الاجتماعية، وبالأخص بين الأصدقاء فأصبحنا نراقب بعضنا البعض ونبحث عن عيوب بعضنا البعض وكل شخص منا أصبح يستنقص الآخر لمجرد صغائر وتوافه الأمور؛ فيستمر هذا الأمر بيننا حتى تنتهي علاقة الصداقة في النهاية بسبب أمر تافه وسخيف، وقد ورد حثُّ النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على حُسن الظن من خلال قوله: “إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أَكْذبُ الحديثِ، ولا تَنافسوا، ولا تحاسَدوا، ولا تباغَضوا، ولا تدابَروا، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا”.
بالنهاية نحن كلنا بشر نخطئ ونقع في مثل هذه الأمور ولكن يجب علينا أن نتعلم أخلاق ومكارم أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام) في كيفية تعاملهم مع البشر وصبرهم وتحملهم ظروف الناس ومشاكلهم سواء كانت نفسية أو اجتماعية وعدم الحكم عليهم من مظاهرهم.. قال الإمام الصادق (عليه الصلاة والسلام): “إن الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد”.