لطالما كنت أعتقد أن هنالك أشياء لا تخصني.. بل هي ليست من واجباتي وعاداتي..!
ولا تناسب مقامي وحاجاتي..!
إلى أن كبرت وتغيرت قناعاتي بدليل إثباتي..!
يومًا ما أخذتني الأقدار بقدرة الجبار إلى مكان كنت لا أنتمي إليه ولا أحبُ البقاء فيه.. وكان سببه هو قضاء حاجة أمي..!
هنالك رأيت ما كان يجب أن أراه سابقًا..!
رأيتُ رجالًا مسؤولون.. لأنفسهم خادمون.. لا يتكئون ولا يتكاسلون..!
ومن جملة ما رأيت أنهم يطبخون.. يكنسون.. يغسلون..!
بل في بعض الأحيان لقضاء حوائجهم يتنافسون.. وهذا ما جعلني أخجل من نفسي وأُراجع أشيائي..!
كان طبق الغذاء في يدي.. ذاهبٌ به إلى المطبخ.. صادفت حينها رجلًا ذا هيبة ابيضت لحيته بالكاد كنت أعرفه..!
ظننته يغسل يده لكني تفاجأت بأنه يغسل (أطباق الغداء) انتبه لوجودي مد يده لي..!
قائلًا: أعطني طبقك لأغسله عنك..!
خجلتُ جدًا من نفسي امتنعت رغم إصراره..!
غسلتُ طبقي ومعه غسلتُ أفكاري الماضية..!
دارت تلك الليالي والأيام وأنا أحاول أن أستفيد من ثقافتهم ونضجهم رغم بساطةِ عيشهم..!
ثقافةٌ يجب أن أزرعها فيمن هم حولي..!
في أحد الأيام.. انتهيت من طبقي وهممت به لأغسله..!
لكن..!
ما إن رأتني زوجتي حتى أتت إلي مسرعة.. أنت متعب.. يكفيك أن تعمل خارج البيت..!
التفت إليها قائلًا: اعلمي يا زوجتي..!
أنا مرآة أولادي..!
أنا قائد أسرهم.. أنا منافع علمهم.. أنا دليل صلاحهم.. أنا مفتاح نجاحهم..!
أنا من يرون أولًا.. ويتبعون ثانيًا..!
يطبقون ما يجدون.. ويكسبون ما يبصرون..!
أنا من يجب أن أتعلم لأُعلم.. أنا من يجب أن أثبت لأُبرهن..!
أنا القائد الأعلى.. أنا الفاعل المتبع..!
أنا مرآتهم.. التي يجب ألا تنكسر..!