منذ أن خُلق الإنسان هو سيد الموجودات كرّمه الله على سائر خلقه ووضعه في صفوة مخلوقاته، لذلك أنا وأنت سيدان منذ الأزل. نحارب من أجل كرامة الإنسان ونعمل جاهدين ليسود الاحترام بيننا، وأولى الناس بهذا الاحترام هم الأطفال؛ طفلي وطفلك هما سيدان صغيران لهما كرامتهما المطلقة لذلك علينا أن ُنلبس أطفالنا.
رداء الاحترام منذ صغرهم لا ينزعونه أبدًا، بل نحاول دائمًا تجديد ذلك الرداء للأفضل، ولنجعله مثل كسوة الصيف والشتاء، وكلما كَبُر الطفل نضجت نظرته للاحترام وعلا فهمه لمفهومه.
ومن صميم احترام الطفل إعطاؤه فرصة التقدّم التدريجي دون الضغط عليه، ودون توبيخه بين الحين والآخر، لا تقارنه بنفسك أبدًا ولا تردد أمامه العبارات الجوفاء قائلًا: “أنا يوم كنت صغير كنت بطل ما أخاف، مو مثلك جبان ما تنام في غرفتك لوحدك”، “أخوك يوم كان في سنّك كان أشطر واحد في المدرسة”.
إن التمهل والتروي في إطلاق أحكامنا على الطفل هو الطريق الصائب لتربية سليمة تنتج طفلًا مبدعًا.
هذا الطفل المسكين نريده أن يفهم بسرعة، ويدرس بسرعة، ويتفوق سريعًا ويتصرف بلباقة مثل الكبار، نستعجله ليكون على شاكلتنا ونحن كبار، ونسينا أننا كبرنا بأخطائنا وتعلمنا من سلوكياتنا الخاطئة وتدرجنا في فهمنا للأمور، ونحن نريده طفلًا كاملًا بين عشية وضحاها، ربما هذا الطفل الذي لم ينل إعجابك اليوم ستراه يومًا محط أنظار الكثير .
علينا الصبر وعدم اليأس في زرع كل شيء جميل في نفوس أبنائنا.
ولن ننسى أن هناك أشخاصًا لا يكتمل نضجهم العقلي إلا في سن الأربعين، وهي حقيقة أثبتها القرآن الكريم.
ارفق به وعامله بلين وارحمه، فهو غصن طري لم يكتمل نموه، ولم تنضج ثماره بعد، يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: “عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ فَإِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا يُنْزَعُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ”.
اصبر على تلك الثمار التي لم تنضج بعد ولا تسحقها بقدميك؛ لأنك يومًا ما ستراها يانعة جميلة وقد حان قطافها لتستمتع بلذيذ طعمها، ارحمه باحترامه وتقديس طفولته البريئة، وانعته بأجمل الصفات وأحلى الأسماء، ولتكن الرحمة سيرتك في تربية أطفالك امتثالًا لوصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “من لا يَرحَم لا يُرحَم”.