الاحتيال العائلي، الاحتيال المتبادل بين الزوجين، ويسهل الوصول إليه بحكم الزوجية، لا ضير أن يبْذل كلٌ من الزوجين من ماله للآخر خصوصًا عند الحاجة إذا كان عن طيب نفس، فهما أولى ببعضهما، على الزوج أن يكون عزيزًا أمام زوجته، ولكن في أوقات حرجة يمر بها عن غير إهمال أو تفريط منه وتقاعس.. هو جاهد في طلب الرزق ليلًا ونهارًا، لكن ظروفًا ما حالت بينه وبين تغطية التزاماته.
والزوجة ذات إمكانية مادية من المستحسن والأولى أن تقف إلى جانبه وتحميه من مكروه أو ذل يتعرض لهما، إذا كان ثقةً صادقًا؛ (لأن معظم التعاملات بين الزوجين دون إثبات مكتوب أو مشهود) وحتى مع الثقة فعلى الزوج أن يضمن كتابةً ما يأخده من زوجته وإن لم تطلب منه حياءً، براءة للذمة، وسرعة الوفاء لها متى أمكنه، عرفانًا لما قدمت لأجله.
وإن هي لا تملك ما تعطيه في محنته فليكن وقوفها برفع معنوياته وتخفيف كل ما أمكن من الأعباء عنه والصبر إلى أن يُذهب اليُسرُ العِسرَ.. أنعم بزوجة واست زوجها.. أما إذا كان لا يبالي بواجباته الأسرية وهمه السفر والديوانيات، وغير صادق والثقة به في خطر، فإعطاؤه يدمر الأسرة (البعض ولا أعني الكل)…
الزوج وإن لم تكن الزوجة في حاجة ولكن من باب رد الجميل ومقابلة المعروف بالإحسان أن يقدم لها هبةً أو هدية أو يحقق لها رغبةً، إذا كان متمكنًا، وفي سعة رزق، نظير إخلاصها ووفائها له أو خدمات قدمتها لأمه وأبيه بطيب خاطرٍ منها، وكانت في موقع بِره لهما حاضرًا وغائبًا، أو عانت من كثرة غيابه عنها لأسباب متغيرة ومتعددة، وتحملت المشاق في حفظ الأولاد وتربيتهم، والله العالم كيف كانت تنفق عليهم في غيابه؟ من أين؟ وكم من صِعابٍ تحملت ومآزق مرت بها؟ وكم موقف ذل لحق بها؟ والمرأة ضعيفةُ حالٍ، وبعض المجتمعات يُضعّف الضعيف، وقد تُهان إذا كان زوجها الغائب غير مقبول اجتماعيًا.
وما أكثر اللاتي مررن بهذه المواقف، وإذا لم تملك شيئًا، أفرِغ عليها من الحب والحنان ما ينسيها ما قدمت وشقيت فيه لأجلك وأوسعها بأخلاقك وكن لها الزوج والأب والأخ.. الزوجة الصالحة هبة من الله، فكن أنت الزوج الأمثل.
هذا كله لا غبار عليه، يزيد في المحبة والثقة المتبادلة ويسعد الزوجين والأولاد…….. ولكن الضير والعيب، توصل الزوج لملك زوجته الخاص والاستيلاء عليه بالخديعة أو الترهيب واستغلال غياب معرفتها بالاحتيال، وثقتها به زوج.. تملك أرضًا يحتال عليها يحولها باسمه ليقترض لبنائها كما يقول، وإذا به يبيعها ويتصرف بثمنها لمصلحته وربما فيما يؤذيها، عندها ذهب حرمت نفسها من الكثير وجمعته في سنين، أو ورثته من أمها يأخده ليستثمره لها حيلةً، تنقطع أخباره وعليها أن تنساه وإلا…؟ ترِكةٌ لها من أبوَيها يحاول بوكالة كاملة التصرف أو بأي طريقة يستولي عليها ويحولها لملكيته، وإن طالبت به واجهها بالتهديد إلى أن تسكت خوفًا من الأسوأ.
جمعت بجهدها أو من وظيفتها مالًا أو راتبها، يطلبه منها لحاجة، وما هي حاجة، على أن يعيده فيما بعد، فتعطيه بحسن نية وثقة ودون إثبات، ووقت يتوفر عنده، بدلًا من رده وإذا به قد تعطيه ما يطلبه وهي كارهة لدرء فتنة وحتى لا تكون ذريعة لتمزيق الأسرة، ولكن اعلم ما أخذتَه من زوجتك بطيب نفس أو بالإكراه والحيلة، هو دين عليك إلى يوم الميعاد إن لم تعيده لها، وإن كانت زوجتك وغنية وغير محتاجة. هذا لا يبرر أخذه في حالة إعسارك تسقط عنك نفقة الأولاد ونفقة الزوجة تبقى في عنقك دينًا متى أيسرت تسدد لها.
كيف تستحل أموالها الخاصة؟ (حصلت حالات مثل هذا) بئس زوج باع زوجته الوفية بمالها ومزق أسرته (بعض الأزواج وليس الكل)… في المقابل الزوج الوفي المخلص حسن النية طيب القلب ملبي كل طلبات زوجته وربما تَحَمّلها في ظروف لا يتحملها الأقرب؛ لأنه طوع ما تقول تغتنم هذه الفرصة وتتحايل عليه، خاصة إن كان عنده أولاد من غيرها.. حوّل العقار أو البيت أو المزرعة باسمي أو اعمل الشيء الفلاني باسمي.. وتتمسكن حتى تتمكن، وبعد حصولها على ما تريد كما هي مخططة سلفًا، يصبح أداة لا قيمة له عندها، تحوره بيدها كيف شاءت أو تشاء، ويطيع أو لا مكانة له في بيتها، ماذا يفعل؟ وهو صفر اليدين (القصص كثيرة في هذا).
(تقابل الإحسان بالإساءة).. تبًا لزوجة اغتالت سعادتها بيدها وباعت آخرتها بدنياها.. هذه طرق احتيال متكررة بين الزوجين.. الحياة الزوجية عندما تكون الثقة والإخلاص والبدل سمتها يكون المال في مأمن ويُسخر لسعادة الأسرة لا فرق إن كان عند الزوج أو الزوجة.. المال للتعمير، وفي حال ضياع الثقة أداة تخريب.. في جميع الحالات ولتحاشي الخلافات مستقبلًا لابدّ من الإثبات، وعلى المستفيد أن يسعى مبتدئًا ولو لم يُطلب منه لإثباته، حتى لا يكون استغلالًا مقصودًا أو غير مقصود من بعض الأطراف في حالة وفاة أحدهما أو لطول المدة مثلًا، وينشأ عنه نزاع على مجهول.. ويسبب مشاكل لجهل المالك الحقيقي.
الاحتيال بين الزوجين بأي طريقة كان بضياع الثقة أو الابتزاز والحيلة أو الإكراه… عواقبه وسلبياته مضاعفة عن لو كان مع طرف من الخارج… الزوجان أفضى كل منهما للآخر وعلما بأسرار بعضهما التى لا تقال للغير، وإذا بالخيانة تبدأ بالمال وإلى فضح الأسرار التي كانت حديثا ًمكتمًا، وإلى الأسوأ.
على الزوجين أن يتعامل كل طرف مع الآخر بالثقة والإخلاص والنزاهة؛ لأن الأهم هي الأسرة الزوجان والأولاد، وليس مجرد مال أُخذ من هذا أو ذاك وانتهت العلاقة، المسألة ديمومتها، أو تمزيقها والضياع.