لم أكن أعلم ذات يوم أن غولاً يتموضع فينا ويشاركنا لحظات الشر حينما يعترينا الغضب أو التخويف، وكأن الغول الحقيقي هو نحن حينما نمارسه في محيطنا ومع من نعيش، وبالخصوص لحظة الغضب، لكن السيدة نجيمة طاي طاي غزالي من المغرب أثارت فينا هذه الأزمة حينما تحدثت في ورقتها المقدمة ضمن حلقات الحوار الثقافي لملتقى الشارقة الدولي للراوي الثامن عشر بإمارة الشارقة، والذي كان محرضاً للعديد من الكتاب والباحثين في قراءة التراث من جديد.
لقد تحدثت السيدة طاي طاي غزالي بإيجاز عن قصة الغول في المتخيل الشعبي والحكايات الشعبية، والذي يتجسد في كثير من الأحيان بدور الإنسان والحيوان الشرير الذي يلتهم ويعض ويبتلع ويخيف الآخرين، حينما تتطلب الحكاية وجود الغول في الحبكة، وبالرجوع لذواتنا فنجد الطفل يمارس الغول بالعض للأطفال ليخيفهم منه وكأنه باللا وعي يمارسه الطفل بفطرته الطبيعية، وتمارسه الأم مع أطفالها حينما تخيفهم من أبيهم بنوع من الحركات بزم الفم، لتشعرهم أن أباهم غولاً حينما يأتي لهم وهم يمارسون الخطأ، كنوع من التخويف، حتى تكرس الخوف لدى الأطفال من الأب في المجتمعات العربية وبعض المجتمعات الآسيوية، وأصبح في المتخيل الأب هو الخوف، وهو الغول في الحكاية الشعبية.
تلتقي الكثير من الحكايات الشعبية في الوطن العربي من حيث الفكرة والموضوع، ومنها ما هو متشابه مع طبيعة كل بلد، وكأنها سافرت من بلد لآخر، تستقر في مكان لتُنسج وتُحكى بطريقة مختلفة، حسب طبيعة كل بلد، بعضها تعدت حدود الوطن العربي لتكون حكاية عالمية، والبعض تجدها فقط في منطقة ما من العالم. وتبقى الحكاية الشعبية فضاء واسعاً للتواصل مع شعوب العالم، والاهتمام بالحكايات الشعبية أصبح من أولويات الدول المهتمة بالثقافة والفنون في العالم، واليوم نحن نشهد هذا الاهتمام الكبير بالتراث من حكومة الشارقة، لنحتفي كل عام بموضوع ذات قيمة تراثية لينشغل الباحثون في التراث بالبحث عن مناقب تلك الجواهر في مخزون التراث الغني.