بالمحبة نغير ونتغير

يحكى أن هناك شابًا بسيطًا اسمه علي يعيش في منزل متواضع وعائلته الوحيدة هي والدته، فقد فـَقد والده من عمر صغير.

علي شاب طيب الأخلاق يبلغ من العمر ١٨ عامًا، خرج من المدرسة ليعيل والدته العليلة المصابة بالكانسر.

حاول علي أن يعمل جاهداً ليغطي تكاليف العلاج ومصروف المنزل، إلا أن من يعمل لديهم لا يعطونه ما يستحق، لأنه لا يملك شهادة جامعية.

تطور مرض والدة علي لدرجة أن الطبيب نصحه أن يبعث والدته للعلاج في الخارج، عندها ضاقت الدنيا بعين علي لأنه لا يملك تكلفة العلاج، ورغم ذلك حاول هذا الشاب البحث عن عمل، إلا أن أصحاب الأعمال والشركات يرفضون توظيفه.

علي: ما الذي سأفعله الآن؟ هل سأنظر لوالدتي ترحل أمام عيني، آه من الفقر ليتني أملك المال، عندها لما فكرت من أين سأجده.
أثناء حديث علي مع نفسه، رأى رجلين خرجا مسرعين من دكان وكانا ملثمين.

عندها خطرت لعلي تلك الفكرة التي ستقلب حياته رأسًا على عقب، وفعلًا سعى لتنفيذ ما خطر في باله، فقد رسم خطة للسطو على البنك، فذهب لأصحاب الخبرة
علي: مرحبًا يا أحمد
أحمد: مرحبًا
علي: أريدك أن تساعدني لأحصل على المال لأجل علاج والدتي
أحمد: وكيف ذلك؟؟
علي: أريدك أن تعلمني كيف أسرق لأنني خططت أن أسرق البنك
أحمد: كل ما تحتاجه هو سلاح يخيف الناس وغطاء لوجهك
علي: من أين أحصل على ما ذكرت
أحمد: سأعطيك سلاحي وقناعي بشرط أن تشاركني ربحك
علي: أ
أخذ علي سلاح أحمد وقناعه واتجه نحو البنك، وبدأ بمراقبته، وبعد لحظات قرر تنفيذ خطته فارتدى القناع واتجه نحو البنك بخطوات مرتبكة، وما إن دخل حتى بدأ الناس بالصراخ، ورن جرس الإنذار فأغلقت الأبواب، عندها ازداد ارتباك علي ودون سابق إنذار اتجه الحارس للإمساك بعلي، عندها حدث ما لم يكن في الحسبان، أطلق علي النار على الحارس، فسقط على الأرض غارقًا بدمه.

وقف علي مذهولًا وبدأ بالبكاء، إلا أن دموعه لم تمنع الشرطة من إلقاء القبض عليه وسجنه.

علي: أنا لم أقصد، أقسم أنني لم أقصد قتله
الشرطي: جميعكم تقولون ذلك، ولكن هيهات أن نصدقك أيها المجرم

سيق علي إلى السجن وسط نظرات الناس التي تتهامس بخوف وتصنف علي كمجرم سارق، سجن علي ٣ سنوات وأثناء مدة حكمه توفيت والدته العليلة التي لقبت بأم المجرم وعيرت بجريرة ابنها.

وبعد انقضاء الـ٣ سنين، خرج علي من السجن حاملًا في قلبه الرغبة بالانتقام، وفعلًا توجه علي بعد خروجه مباشرةً لأصحاب الدكاكين والشركات الذين سخروا من مؤهلاته العلمية ورفضوا توظيفه، وقرر اختطافهم وإنهاء حياتهم كما انتهت حياة والدته، وفعلًا اختطف علي جميع من ذكرت إلا أن أحدهم كان مسافرًا فاختطف ابنه بدلًا منه.
علي: عندما قصدتكم لأعمل وأعيل والدتي رفضتموني وسخرتم مني وأغلقتم الأبواب بوجهي، فحاولت السرقة وبسببكم كدت أكون قاتلًا
ما الذي كان سيحدث لو وظفتموني؟؟
لما خسرتم شيئًا!
لكنكم لم تفعلوا ذلك
توفيت والدتي بسببكم والآن ستنالون عقابكم
سأقتلكم جميعًا
بدأ الأسرى بالبكاء والصراخ، إلا ذلك الشاب الذي أسر بدلًا من والده، لم يبك إنما بدأ بالتحديق بعلي، عندها ارتبك علي وصرخ قائلًا: لماذا تنظر إليَّ؟؟
فتبسم ذلك الشاب وقال: هلا فككتني، أنت تملك السلاح وأنا لا أملك شيئًا، كما أنك أقوى مني، أنت أمسكت بنا جميعًا.

عندها قبل علي وفك قيد الشاب، فوقف هذا الشاب واتجه بخطوات هادئة نحو علي وعانقه قائلًا: أنت لست سيئًا إنما لم تعطَ الفرصة لتثبت أنك عكس ذلك، ربما سخروا منك وصنفوك كمجرم، لقد أخطأت عندما حاولت السرقة، لكن ما حدث قد حدث، ولا تستطيع تغيير ماضيك، أجل هم مخطئون لأنهم لم يساعدوك رغم قدرتهم على ذلك، وحكموا عليك وقيموك بشهادتك لا بأخلاقك، لكنك ستصبح مثلهم بل وأسوأ منهم إن قتلتهم وسيتحقق ما قالوه عنك، لكنني أعلم بأنك لست سفاحًا، فعلت ما فعلت لأجل والدتك، أنت لست سيئًا أبدًا.
علي: أجل أنا لست سيئًا لكنهم ومذ خرجت من السجن والناس من حولي يتهامسون وينظرون لي بخوف، رفضوا التعايش معي وأبعدوني عنهم وعن منزلي الذي ولدت فيه، قهروا والدتي وعذبوها لأنني مجرم في نظرهم، لكنني لست كذلك، توفيت والدتي ولم أحضر جنازتها، ولم يقف بجانبي أي شخص.
الشاب: أنا سأقف بجانبك لكن اتركهم، ربما ستسجن لخطفك إياهم، ولكن هذه المرة ستجد من ينتظرك عند خروجك من السجن.

وفعلًا أطلق علي سراح الأسرى وسجن، وبعد انقضاء سجنه خرج ورأى ذلك الشاب ينتظره.

مد هذا الشاب يده لعلي وزوجه بأخته ثم قال له: أتعلم من أنا؟
علي: أنت من وقفت بجانبي
الشاب: أنا ذلك الحارس الذي أطلقت النار عليه ولا أخبرك بذلك لكي تخجل، ولكن لتعلم أن الدنيا ما زالت بخير

بكى علي وعانق ذلك الحارس.
انتهت قصتنا وانتهى معها حزن علي الذي تولد بسبب حاجته.

ما الذي سيحدث لو ساعدنا بعضنا، لو أعطينا حق الفقير مما نملك، ولو أحببنا بعضنا ووقفنا بجانب الآخرين.

لو لم نصنف البشر ونقيمهم بأشكالهم وأنواعهم وحالتهم المادية ومؤهلهم العلمي، عندها لما رأينا ما يسيئنا ولما انتشر الكره والحقد.

في النهاية سأقول؛ لدى القلب طاقة عجيبة تروض الوحوش، وتلك الطاقة هي طاقة الحب، فلنحب بعضنا ولنتغافل عن أخطاء الآخرين ولنبتسم في وجه الجميع، ولننشر ثقافة الحب والتسامح.


error: المحتوي محمي