روي عن الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) عليه السلام أنه قال:
“وَأَمَّا حَقُّ بَصَرِكَ فَغَضُّهُ عَمَّا لا يَحِلُّ لَكَ وتَرْكُ ابْتِذَالِهِ إلاّ لِمَوضِعِ عِبْرَة تَسْتَقْبلُ بهَا بَصَرًا أَو تَسْتَفِيدُ بهَا عِلْمًا، فَإنَّ الْبَصَرَ بَابُ الِاعْتِبَارِ”.(1)
العين هي مرآة القلب، وهي نعمة كبرى من نعم الله عليك، وهي جوهرة ثمينة لا تقدر بثمن يجب أن تحافظ عليها، ولا يعرف قيمة هذه النعمة إلا من أصيب بمرض ما في عينه. لذا عليك أن تراعي حق عينيك من خلال:
تهذيب العين: “وَأَمَّا حَقُّ بَصَرِكَ فَغَضُّهُ عَمَّا لا يَحِلُّ لَكَ” إن استخدام عينيك في النظر إلى المحرمات بكل أشكالها يُعد تعديًا على حق عينك، فأنت توردها وتوقعها في المهالك، وهذا يعد كفرًا بالنعمة، لذا علينا أن نهذب عيوننا، يقول تعالى:
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾… (النور/30)
﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾… (النور /31)
ويقول الإمام علي في وصفه للمتقين: “غَضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ”(2) وهذا يعني أن نربي جوارحنا على تقوى الله، فهو ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ غافر /19
وهناك الأجر والثواب الكبير الذي ينتظر من يغض بصره، فقد ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصَّادِقُ ( عليه السَّلام ): “مَنْ نَظَرَ إِلَى امْرَأَةٍ فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ غَمَّضَ بَصَرَهُ، لَمْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ بَصَرُهُ حَتَّى يُزَوِّجَهُ اللَّهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ”(3).
فلا تلوثن عينيك بالمناظر المحرمة، بل متعها بالنظر إلى جمال الكون والطبيعة.
اجعل نظرك عبادة من خلال:
النظر إلى المصحف: روي عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) أنَّهُ قَالَ: “من قرأ القرآن في المصحف متع ببصره” (4)
النظر إلى الكعبة: روي عن الإمام الصادق (عليه السَّلام) أنَّهُ قَالَ: “مَنْ نَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ لَمْ يَزَلْ تُكْتَبُ لَهُ حَسَنَةٌ وَتُمْحَى عَنْهُ سَيِّئَةٌ حَتَّى يَنْصَرِفَ بِبَصَرِهِ عَنْهَا”(5).
النظر لهؤلاء عبادة:
روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “النظر إلى العالم عبادة، والنظر إلى الإمام المقسط عبادة، والنظر إلى الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر إلى أخ توده في الله (عز وجل) عبادة”(6) .
عينيك بوابة العلم:
هذه النعمة الكبرى يجب أن تستثمر فيما يا بني الإنسان، من خلال استخدامها في اكتشاف العلوم والمعارف، وما هذا التقدم العلمي إلا من خلال استخدام تقنيات علمية حديثة ساهمت في اكتشافات علم الأحياء الدقيقة وتأثيرها على حياة الإنسان، واكتشافات علمية أخرى في عالم الفضاء والكون.
لذلك عليك أن تنطلق ببصرك في عالم المخلوقات والكون، وتكتشف تلك الأسرار التي تدل على عظمة الله تعالى.
حافظ على سلامة عينيك
· إجراء فحص طبي للنظر للتأكد من سلامة النظر، ومدى احتياجك للنظارة، خصوصًا بعد سن الأربعين.
· الاهتمام بتنظيم مستوى السكر بالدم، تجنبًا لمضاعفات داء السكري على النظر.
· الاهتمام بالتغذية السليمة: بتناول الفواكه والخضراوات خاصة تلك الغنية بـ(فيتامين أ) كالخضراوات الورقية الخضراء، والفواكه الصفراء كالجزر، والمشمش، كما يوجد في اللبن، والجبن، والكبد والبيض، فهو (فيتامين أ) من أكثر الأطعمة المفيدة للعينين.
· عدم إرهاق العين، وذلك عن طريق التقليل من استخدام الأجهزة الإلكترونية، كالهواتف الذكية، والكمبيوتر وغيرها.
· السهر وعدم النوم ليلًا هما من أعداء النظر ويدمران أي سبيل للمحافظة على نظرك فاحرص على النوم ليلًا وعدم السهر بشكل مستمر.
الهوامش:
1 / رسالة الحقوق للإمام زين العابدين.
2/ نهج البلاغة.
3 / من لا يحضره الفقيه: 3 / 473
4/ بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج 89 – الصفحة 196
5/ الكافي: 4 / 240
6/ موسوعة أحاديث أهل البيت (ع) – الشيخ هادي النجفي – ج 7 – الصفحة 274