عاشوراء الحسينيين باقية باقية

سلامٌ على السبط الحسين ومن مّعـهْ
سـلام على الأجسـاد وهي مُـقـطـعــةْ

سلامٌ على الرأس الشريف على القنا
يـقــطِّــــرُ مــن دمِّ الـطـهـــارة أدمــعَـــهْ

السلام على قلب الحسين
السلام على صدر الحسين
السلام على رأس الحسين
السلام على جسد الحسين

عليك منا السلام يا حسين أبدًا ما بقينا
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

أي يوم هذا يا أبا عبدالله..
حين يحزن الكون.. وتصمت الكائنات، ويهتز العرش، وتنطق الفضائل، حين تجسد أسمى معاني التضحية والفداء.

أي يوم هذا يا أبا عبدالله وأنت تسطر ملحمة الانتصار، وتنقش قرآن المجد والإباء على جدران الأزمان.

أي يوم هذا.. والذي أخجلت فيه الموت وأزهقت فيه روح الفناء، وأطلت فيه عمر الحياة بمعناها الحقيقي، وحقيقتها الناصعة.

هذا اليوم العظيم..
الذي رسمت فيه دروب العاشقين للعز والمجد والفخر، وأنرت مسالك العارفين للخلود الأبدي.

يا أبا عبدالله..
إن ظهيرة هذا اليوم هي التي أضاءت فجر التاريخ، وأنارت أيام الدهور لتبقى تقرأك كتابًا ناصع المعاني المحمدية والمواقف العلوية.

ظهيرة هذا اليوم هي التي أحيت شعلة الإيمان، وانتصرت فيها القلة البررة على الكثرة الكفرة الفجرة.. ولتضرب فيها المثل الأسمى على مدار البقاء وحتى يوم الفناء..

إن يوم كربلاء هو يوم التضحية..
والتي رأى فيها إبراهيم (عليه السلام) كيف كاد أن يذبح ابنه.. وقد كان، ولكن ليس هناك، بل هنا، هنا وفي كل مكان؛ فذبْح كربلاء كان رمزًا.. حقيقته في كل مكان، وكل زمان على مدار الدهور والعصور.

أبا عبدالله..
المصيبة لم تكن لتكون عشرة عاشوراء.. ولم تكن لتكون فقط أيام حزن وعزاء.. هذه الأيام هي فقط وقود الحسينيين الذين تتعاظم فيهم المحبة والحزن والشوق والعشق والهيام.. وتتقد فيهم روح الوفاء والتمسك والتماسك.. ويجددون فيه العهد والبيعة.. ويظهرون فيه أسمى معاني الاقتداء بما خطه دمك الطاهر ليكون نبراس الحقيقة وشعار الآمال..

إن رمزية هذه الأيام هي تجسيد للنصرة وتأكيد لإجابة التلبية حين ناديت: أما من ناصر؟ فلبتك القلوب والأصوات.. ومازالت على مدار الأزمان لا تكل ولا تمل ولا تتعب وهي تتمثل حقائق وتصورها واقعًا ملموسًا على مدار الشوق الذي يلهب قلوب المؤمنين الحسينيين في كل لحظات الحياة.

فهم يتنفسون الحسين وينطقون الحسين ويمارسون حياة الحسين ويسترشدون بالحسين وينامون على ذكر الحسين ويستيقظون على تجديد العهد للحسين وآل الحسين عليك وعليهم السلام.. فأنت أيها الحسين ولا حسين قبلك ولا بعدك أن الحياة والحياة هي أنت يا حسين.

وهي خلقت من أجلك لتطول ببقائك وتفنى بفنائك ولا فناء للحسين المخلد.. فطبت حيًا وطبت ميتًا.

يا أبا عبدالله..
يا لها من مصيبة حلت على الأكوان، وأدمت سطور القرآن، وأعجزت أبجدية البيان أن يفصل فيها ما جرى ولا يزال يجري عليك، فما بين هذا الحزن الذي يطبق على الأرجاء، لا يزال هناك من يود لو أنك تقتل مرات ومرات حتى تنطفئ شعلة الرشاد، ويا سبحان الله حين نرى هذه الأماني الآيسة تحاول الظهور برأسها من بين زوايانا، وما بين بيننا، فضلًا عما يحاول من لا يرضيه بقاء الحسين وهو ينشر الهدى بأنصع ما يود المهتدون، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره .

لهذا فهذه الملحمة لم ولن تنتهي.. وهي تتجدد كل عام.. بل إنها تحدث كل عاشوراء كما حدثت قبل ألف وأربعمائة عام لتقتل فيه شر قتلة وتنتصر فيها الانتصار الأوحد الذي حدث في تاريخ الإنسانية حيث الدم يسيل على الأرض وراية الحسين تعانق عنان السماء.

يا أبا عبدالله..
لا يوم كيومك سيدي ومولاي..
هذا اليوم الباقي على مدار الدهر والذي يعني كل الحياة وكل الوجود.. وهو يعني الخلودين.. إما في خلود الجنان.. وإما خلود النيران.. ونعوذ بالله من النيران.

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.


error: المحتوي محمي