القديح واحة القطيف الخضراء، عرفت بالبساطة والطهارة والكرم عبر التاريخ، كما عرفت بأعلى مستويات الصِّلة بين سكانها.
غلب عليها الطابع المحافظ المتمسك بالعادات والتقاليد، وإيمانها بالأصالة أكثر من سواها، غير أنها أخذت تتمازج مع التطورات المعاصرة شيئًا فشيء وفق أبجديات خجولة تحولت لاحقًا إلى ضرورات وفق الحدود والضوابط الشرعية والمجتمعية.
ضمت هذه البلدة عوائل كثيرة ذات حسب ونسب ومجد، يشار إليها بأوسمة من نور.
مدينة ليلها كنهارها في الحركة الدؤوبة والسعي وراء لقمة العيش والتواصل المجتمعي، أشرقت من بين جنباتها كنوز علمية بلغت العلياء، وفاقت الأفق شموخًا وسموًا.
ولدت هذه البلدة الطيبة عددًا من المبدعين في الطب والهندسة والعلوم وغيرها، كان لهم صدى يدوي في كل الآفاق، وما زالت ولادة للمبدعين.
موقعها الجغرافي المميز وإحاطة النخيل والبساتين بها من كل الجهات ترك بصمة واضحة على سكانها، فعشقوا الجمال والبساطة والحياة، وكانوا ترابيين في سلوكهم إلا ما ندر.
للقديح رجال كانت لهم اليد الطولى في الكثير الكثير من الخدمات الاجتماعية التي تحولت لمعالم في الحياة حديثًا.
عُرف أهلها باقتسام كسرة الخبز فيما بينهم، وتقاسم المائدة عند الحاجة، بيوتهم مشرعة وقلوبهم مفتوحة للقاصي والداني صباح مساء، وما زالت الكثير من مجالسهم مكتظة بالناس حتى الآن، لو لم يجدوا ما يطعمون به الضيف استدانوا لإطعامه، ولو حمَّلهم ما لا يطيقون.
واحة الثقافة والشعر والأدب، في كل ناحية من نواحيها شاعرٌ مبدع وكاتب متألق وقّاص أو روائي أو باحث.
تقف شامخة عند الأزمات بكل ما فيها ومن فيها يدًا بيد لترسم أروع لوحات الجمال على جبين الألم.
حمامة السلام والأمان، لم تكن يومًا موطئًا مزعجًا لأحد عبر التاريخ.
عشقها المنصفون والمبدعون وأهل الحب والجمال، لذلك صاهرت مختلف مناطق القطيف بألفة وتعايش لا تبلغ جماله الكلمات.
كل ذلك في جانب؛ وكونها مدينة الحسين الأولى بعد كربلاء في جانب آخر، مآتم الحسين في كل ليالي السنة وبأعداد لا نظير لها عالميًا.
إن إقامة مئة وعشرين مأتمًا في عاشوراء بحضور كبير مميز وفي مساحتها الجغرافية جعلها كربلاء الصغرى حقيقة لا اعتبارًا.
كما أن نساءها لا تقل عن رجالها صلة وعشقًا وإحياءً لذكرى الحسين.
السلام على عاشقة الحسين وحبيبة الحسين ونثار الحسين.