مكاسب جماعية

مهما اعتقدنا برجاحة آرائنا، وصوابية أفكارنا، ودقة اختياراتنا، وسلامة إستراتيجياتنا، علينا بالمقابل أن نعلم أن هناك من يفوقنا في كل ذلك، وفيما نحن نظنه عن أنفسنا.

لهذا فإن العمل الجماعي يحتاج لتبادل الأفكار، وأن تجتمع كلها لتخرج في مجملها بفكرة جديدة وسديدة في نهاية المطاف.

علينا عدم الاعتماد على الرأي الواحد فهذا الرأي يصيب مرة ويخطئ مرات، وأيضًا على كل من يثق بفكرته ألا يحاول الاستفراد بالقرار سواء كان مسؤولًا، أو أدنى من ذلك، فإعطاء الفرص للآخرين هو من نافلة العمل وأبجديات الوعي والنهج الإداري، ومن جانب آخر على الذي يتردد في طرح أفكاره ومشاركة الآخرين ألا يغفل أنه جزء من مجموعة ومنظومة ووجوده أساس وعليه تفعيل وجوده ودوره وفكره وبسط ما يدور في خلده بكل ثقة، وعدم الخوف من الوقوع في الخطأ بل يطرح ما يريد بكل شجاعة، فلعل رأيه يكون هو الرأي الأرجح والصائب.

الفردية في اتخاذ القرار والإقرار، أو عدم المشاركة مع الجماعة وفتح باب النقاش والمشاورة والاستماع للآخر لا تؤدي عادة للنتيجة المنشودة والتي يتطلع لها الجميع، وليس بالضرورة أن تكون فكرتي هي الفكرة الموجبة الأرجح التي يؤخذ بها، أو أن أفكار غيري هي دومًا الأفكار السالبة، فالمعول هو النتائج، الواقع عادة لا يعني التطابق مع الافتراض، في الوقت الذي لا تكون فيه النتائج طبقًا لما يحدث على الأرض إن لم يكن مخططًا له من الأصل بدقة وعناية.

نحن نظن عادة بأنفسنا المثالية، ولا مشكلة في ذلك لأنه يعطي المرء القدرة على المبادرة والمشاطرة الشخصية في أن يكون جزءًا من مجموعة كلية، ومحاولة إثبات الذات بما يشفع وينفع والحصول على التقدير من الآخر، ولكن بعيدًا عن الأنانية والذاتية، وتسقيط الآخرين، بالظن أن الأفضلية هي دومًا المرافقة له أينما كان وكيفما قال وفعل.

المكاسب الحقيقية في العمل الجماعي هي أولًا في تشكل روح الفريق الواحد وثانيًا إحراز الرأي الأقرب للصواب عادة، وثالثًا التميز دومًا باعتبار القوة المشتركة المتشكلة من الترابط والتعاضد ورابعًا ديمومة النجاح وتتاليه بإطراد وإبداع وتألق وخامسًا تجذر الروح الجماعية والأسرية بين المجموعة وسادسًا قلة الخلافات وسابعًا ندرة حدوث الأخطاء وثامنًا تأثير ذلك إيجابيًا وانعكاسه على المستويات الأعلى والأدنى بين أطراف المنظومة الواحدة والاقتداء به وخلق روح المنافسة إيجابيًا من خلال العمل على إثبات الذات لما فيه من المصالح العليا، وتاسعًا وأخيرًا تلاشي التمايز الرسمي والوظيفي بين الرئيس والمرؤوس؛ والذي يشكل عائقًا في معظم الأحيان، في صورة تجعل الجميع يؤدون عملهم بثقة واطمئنان على أن الجميع سيحصل على حقه ومراده في نهاية المطاف سواء على مستوى الفرد حيث التقدير الاعتباري الأكيد أو على المستوى الجماعي والذي ستظهر نتائجه من خلال مجموعة الأهداف المتحققة والتي ستشكل النجاح الذي رسمته سياسة العمل الجماعي المشترك.


error: المحتوي محمي