المائة الأولى

سُئِلتُ أكثر من مرة عن سبب إقدامي للعمل في مجال (تخصص) بعيد كل البعد عن شخصيتي وعن مجالي في الحياة العملية كوني صحفية ميدانية متعاونة وصاحبة مؤسسة إنتاج فني.

وإجابتي كانت ولاتزال أن هناك جانبًا في شخصيتي لن ينضج إلا بالتعامل المباشر مع كافة أنواع الشخصيات ولن أقابل في المجال الإعلامي أو الفني نماذج من الأمزجة والطبائع بالكم والتنوع كما في عملي كموظفة مبيعات في أحد أكبر وأرقى المحلات المعروفة ألا وهو “h&m”، ولا يفوتني هنا أن أشكر كافة الزملاء ممن كان لهم الفضل الكبير في تجاوزي لمعظم الصعوبات التي واجهتني خلال عملي في مجال خدمة العملاء (customers service).

* ما هي خدمة العملاء؟ وماذا تعلمت منها؟
خدمة العملاء هي العملية التي يتم من خلالها تلبية احتياجات العميل والسعي لمواكبة أو تجاوز توقعاته من خلال تقديم خدمة ذات جودة عالية ينتج عنها الرضا التام.

هنا يجب أن يكون على رأس أولوياتك إرضاء العملاء وإسعادهم، ومساعدتهم في نيل مبتغاهم وهو هدف طموح تصب نتائجه في نهاية المطاف لصالح المؤسسة ذاتها من خلال كسب ثقة العملاء ودفع أموالهم بكل رضا وتقدير.

اﻷولوية الثانية هي إزاحة جميع العقبات التي تحول بينك وبين تحقيق أولويتك الأولى، قد يعني ذلك توظيف موظفين جيّدين في مجال خدمة العملاء، وقد يعني تطوير مهاراتهم، وتطوير أنظمة تشغيل سلسة وذكية لخدمة العملاء، وبالتأكيد فإن تكوين قاعدة متعاملين ذات جودة وملاءة ممتازة هو غاية تطمح لها كافة المؤسسات.

إنّ الغالبية العظمى من العملاء هم أشخاص رائعون، ستسعد بالتعامل معهم، وسيكون نجاحك مرهونًا بنجاحهم، ولكن توجد شريحة غير مستهدفة وهي في الغالب مكلفة ويجب التخلص منها، وسأبين هنا وفق ما تعلمته في 100 يوم كيفية التعامل مع هذه الشريحة:
أولًا: هناك فرق بين العميل الصعب والعميل السلبي:
كما أنّ هناك 26 عميلًا صامتًا مقابل كل عميل يتقدم بشكوى.
• يتعامل العملاء المتعبون بتعالٍ وقلة تهذيب مع المؤسسة، وعادة ما يتجاوزون حدود اللباقة والأدب في التعامل مع طاقم العمل.
• يطلب العملاء السلبيون طلبات غير معقولة كالإصرار على استرداد أموالهم بعد فترة طويلة من الشراء أو طلب خدمات مجانية تؤثر سلبًا على النشاط التجاري، أو يطلبون حسومات مرتفعة جداً دون مبرر.
• العملاء السلبيون لا يتوانون في الإضرار بسمعة المؤسسة في وسائل التواصل الاجتماعي وفي مواقعهم الخاصة وفي الوسط المحيط بهم.

إنّ العملاء السلبيين سمّ قاتل للنشاط التجاري، يستنزفون الجهد والوقت والمال ويشتتون التركيز الذي يجب أن يكون مكرسًا للأنشطة التي تحقق الربح وووضع خطط التطوير.. ليس العميل السلبي شخصًا سيئًا بالضرورة، وﻻ تعكس التصرّفات السيئة التي تبدر من العميل طبيعة شخصيته، إذ يمرّ الجميع بأيام عصيبة يميلون فيها إلى مهاجمة الآخرين وتعنيفهم، وقد يتحول أحدنا إلى عميل سلبي عندما يمر بظروف مشابهة، وسواء أكنت تتعرض للانتقاد من قبل أحد العملاء، أم كنت في موقع الدفاع، فمن المفيد أن تتريث قليلًا وتضع نفسك مكان الطرف الآخر، فهو لا يقصد اﻹساءة إليك بصورة شخصية.

لماذا يجدر بنا التخلص من العملاء السيئين؟
إن الهدف الذي نسعى للوصول إليه في خدمة العملاء هو تنمية نشاطنا التجاريّ من خلال إرضاء العملاء وكسب إخلاصهم وسعادتهم بالمنتج الذي نقدمه لهم، وستكون النتائج مبهرة إن تم تحقيق ذلك بالشكل الصحيح.

أعد تأطير الوضع:
إن التقليل من شأن العميل هو أسوأ ما يمكنك القيام به كموظف، فتجنب العبارات التي يمكن أن تؤخذ على محمل شخصي مثل: “يرى فريقنا أن التعامل معك قد أصبح صعبًا”، أو “ما تطلبه كثير جدًا”، وبدلًا من ذلك شارك الحقائق وأعد صياغة المحادثة لتشعره بتحمله جزءًا من مسؤولية اتخاذ القرار، أو لنقل على سبيل المثال:
• “طلبك الفلاني هو خارج نطاق خدماتنا”.
• “يبدو أننّا لم نتمكن من إنجاز عملنا بالوجه المطلوب لكي تكون راضيًا عنّا”.

إن فن إدارة الحوار هو ملكة نمتلكها تدريجيًا مع الممارسة واكتساب الخبرة، وينبغي تجنب إشعار العميل بأي تصرف شخصي ضده من خلال مراعاة صياغة الجمل والكلمات، والتحاور معه بلغة الأنظمة والحقائق والتي قد يتعذر بسببها تلبية طلبه.

هذه إضاءة سريعة ومختصرة جدًا لانطباعات 100 يوم جميل وممتع رغم عدم خلوها من الصعوبات، ولا شك أن الـ100 التالية ستعزز التجارب والخبرات وسأشاركها معكم بلا شك بل وستحسم توجهي لما سيتلوها من أيام.


error: المحتوي محمي