رسالة .. نحن والحقائق

في الحقيقة مجموعة المقالات الصحية والتغذوية التي نشرتها عبر قناة «القطيف اليوم» حظيت باستحسان بعض القراء ، وبردودٍ قاسية معاكسة من البعض الآخر تعودنا عليها؛ لأن نتائجها صادمة، وتبعث بعدم الاطمئنان فيما نأكل ونشرب، ونحن نحترم كل التوجهات.

إنه الضمير، الشعور بوجع الناس وآلامهم، هو الذي دعاني لطرح مثل تلك المقالات عبر قنوات التواصل.

تلك التجاوزات والسلبيات التي سببت أمراضًا ليس لها علاج، فطالت المحرمات كل ما يدخل أجسامنا، أغذية متخمة بالكيمائيات، والسموم، والمواد الضارة، وأمراض خطيرة، وتجاوزات محظورة وممنوعة، وجميع تلك الأسواء، والآلام، والتحديات التي نعانيها تعزى إلى الحياة العصرية التي نحياها، دخلت على موائدنا وأتلفت طعامنا.

وصحيح ما يقال: إن الضغوطات الحياتية، والعوامل الانفعالية ساهمت أيضًا في رفع مستوى الأمراض المستعصية، والمشاكل الاجتماعية.

أنظر من حولي، فإذا شاب لا يتجاوز عقده الثالث يترنح أمامي، لا يقوى على الوقوف، أطرافه لا تنفك ترتعش، قلت: معافى إن شاء الله، قال لي وهو يغالب دمعة تكاد أن تظفر من عينيه: حمدًا لله، تراني أنهكني المرض من سنوات وسنوات، وقد قيل أنه لا علاج لي، ألا تجدون حلًّا لما نعانيه؟! إنه يستغيث بمثلي، ولست طبيبًا، ولا أملك له علاجًا، هذه هي صورة من ألوف المرضى من الشباب، تستدر الدمع وتتفطر لها أقسى القلوب ألمًا وأسًى.

المستشفيات والمراكز الصحية مُلئت بالمرضى والمراجعين؛ طلبًا للعلاج، نزور المستشفيات، ونلاحظ الزحام في ممرات العيادات، والطوارئ، وغرف الأطباء، في صورة لا أعتقد أن الطبيب مهما بلغ شأوه أو إخلاصه يستطيع أن يحقق أمراض المراجعين، أو يتثبت من سير عللهم ، لقد سئم الناس كثيرًا من المراجعات؛ لقناعتهم بعدم جدوى العلاج، هم يرون كل يوم يخطف الموت الكثير من أحبائهم، ومعارفهم، رغم الرعاية الصحية التي تظهرها المراكز الصحية
والمستشفيات.

ترى هل دار بخلد هذا الجيل أن أعمارهم أصبحت أقل من أعمار آبائهم؟!

وسط هذه الأخطار المحدقة، وما تركته الأغذية من سموم صرنا نتلمس الصحة ممن لا يملكون الصحة.

من هنا فإن طرح مثل هذه المقالات عبر قنوات التواصل الاجتماعية في نظر البعض، تنشر الذعر والتخوفات بين الناس، وحجة القراء أن مثل هذه الأمور تناقش بين المتخصصين، ولا تُطرح في قنوات التواصل، إلا أن لنا رأيًا مخالفًا لتلك الآراء، هو أن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة، والإعلام أصبح مفتوحًا ، واختلط حابله بنابله، والذعر هو عدم توضيح حقائق ما تثار في وسائل اتصال غير متخصصة، لماذا لا نطرح حقيقة التخوفات بصورة علمية مجردة ونستمع لحجة كل فريق؟ ثم نطرح رأينا الذي نخلص له بتجرد، ونحن على ثقة تامة بأن قارئ اليوم ما عاد هو نفسه قارئ الأمس، فهو سوف يأخذ ما يقتنع به بحجته العلمية، وهب أنّنا لم نطرح الموضوع؛ فإن القارئ سوف يقرأ ويسمع عنه، ربما بصورة مقطوعة أو غير واضحة، ربما غير ذلك.

إن هناك مسؤولية تقع على عاتق الإعلام المتخصص، تدعوه لأن يقول رأيه فيما يثار، كما أن لقرائه حقًّا عليه بعدم كتم المعلومات.

لابد من التوعية، إنها مسؤولية، مسؤولية نطالب بها قنوات الإعلام الجادة، هذا رأينا نحن، وكلنا احترام للرأي الآخر.

ليت إخواننا يدركون الحقائق الدقيقة التي تنطوي عليها معاني الحياة الهادئة الهانئة الخالية من الأمراض.

منصور الصلبوخ
اختصاصي تغذية وملوثات.


error: المحتوي محمي